تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢١٨
«وما ينظر هؤلاء» شروع في بيان عقاب كفار مكة إثر بيان عقاب أضرابهم من الأحزاب الذين أخبر فيما سبق بأنهم جند حقير منهم مهزوم عن قريب فإن ذلك مما يوجب انتظار السامع وترقبه إلى بيانه قطعا وفي الإشارة إليهم بهؤلاء تحقير لشأنهم وتهوين لامرهم وأما جعله إشارة إلى الأحزاب باعتبار حضورهم بحسب الذكر أو حضورهم في علم الله عز وجل فليس في حيز الاحتمال أصلا كيف لا والانتظار سواء كان حقيقة أو استهزاء إنما يتصور في حق من لم يترتب على أعماله نتائجها بعد وبعد ما بين عقاب الأحزاب واستئصالهم بالمرة لم يبق مما أريد بيانه من عقوباتهم أمر منتظر وإنما الذين في مرصد الانتظار كفار مكة حيث ارتكبوا من عظائم الجرائم وكبائر الجرائر الموجبة لأشد العقوبات مثل ما ارتكب الأحزاب أو أشد منه ولما يلاقوا بعد شيئا من غوائلها أي وما ينتظر هؤلاء الكفرة الذين هم أمثال أولئك الطوائف المهلكة في الكفر والتكذيب «إلا صيحة واحدة» هي النفخة الثانية لا بمعنى أن عقابهم نفسها بما فيها من الشدة والهول فإنها داهية يعم هولها جميع الأمم برها وفاجرها بل بمعنى أنه ليس بينهم وبين حلول ما أعدلهم من العقاب الفظيع إلا هي حيث أخرت عقوبتهم إلى الآخرة لما أن تعذبهم بالاستئصال حسبما يستحقونه والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم خارج عن السنة الإلهية المبنية على الحكم الباهرة كما نطق به قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وأما ما قيل من انها النفخة الأولى فمما لا وجه له أصلا لما أنه لا يشاهد هو لها ولا يصعق بها إلا من كان حيا عند وقوعها وليس عقابهم الموعود واقعا عقيبها ولا العذاب المطلق مؤخر إليها بل يحل بهم من حين موتهم «ما لها من فواق» أي من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين وقرئ بضم الفاء وهما لغتان وقوله تعالى «وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب» حكاية لما قالوه عند سماعهم بتأخير عقابهم إلى الآخرة أي قالوا بطريق الاستهزاء والسخرية عجل لنا قطنا من العذاب الذي توعدنا به ولا تؤخره إلى يوم الحساب الذي مبدؤه الصيحة المذكورة والقط القطة من الشيء من قطه إذا قطعه ويقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس وقد فسر بها أي عجل لنا صحيفة اعمالنا لننظر فيها وقيل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد الله تعالى المؤمنين الجنة فقالوا على سبيل الهزء به عجل لنا نصيبنا منها وتصدير دعائهم بالنداء المذكور للإمعان في الاستهزاء كأنهم يدعون ذلك بكمال الرغبة والابتهال «اصبر على ما يقولون» من أمثال هذه المقالات الباطلة «واذكر» لهم «عبدنا داود» أي قصته تهويلا لأمر المعصية في أعينهم وتنبيها لهم على كمال قبح ما اجترءوا عليه من المعاصي فإنه صلى الله عليه وسلم مع علو شأنه واختصاصه بعظائم النعم والكرامات لما ألم بصغيرة نزل عن منزلته ووبخته الملائكة بالتمثيل والتعريض حتى تفطن فاستغفر ربه وأناب ووجد منه ما يحكى من بكائه الدائب وغمه الواصب وندمه الدائم فما الظن بهؤلاء الكفرة الأذلين
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283