بهذا الذنب ولكن بأنى قتلت أبا هذا غيلة فقال الناس إن أذنب أحد ذنبا أظهره الله تعالى عليه فقتله فهابوه وعظمت هيبته في القلوب «وآتيناه الحكمة» النبوة وكمال العلم وإتقان العمل وقيل الزبور وعلم الشرائع وقيل كل كلام وافق الحق فهو حكمة «وفصل الخطاب» أي فصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل أو الكلام الملخص الذي ينبه المخاطب على المرام من غير التباس لما قد روعى فيه مظان الفصل والوصل والعطف والاستئناف والإظهار والإضمار والحذف والتكرار وإنما سمى به أما بعد لأنه يفصل المقصود عما سبق تمهيدا له كالحمد والصلاة وقيل هو الخطاب الفصل الذي ليس فيه إيجاز مخل ولا أطناب ممل كما جاء في نعت كلام النبوة فصل لا نزر ولا هذر «وهل أتاك نبأ الخصم» استفهام معناه التعجيب والتشويق إلى استماع ما في حيزه لإيذانه بأنه من الانباء البديعة التي حقها ان تشيع فيما بين كل حاضر وباد والخصم في الأصل مصدر ولذلك يطلق على الواحد وما فوقه كالضيف ومعنى خصمان فريقان «إذ تسوروا المحراب» إذ تصعدوا سوره ونزلوا إليه والسور الحائط المرتفع ونظيره تسنمه إذا علا سنامه وتذراه إذا علا ذروته وإذ متعلقة بمحذوف أي نبأ تحاكم الخصم إذ تسوروا أو بالنبأ على ان المراد به الواقع في عهد داود عليه السلام وان اسناده الاتيان اليه على حذف مضاف أي قصة نبأ الخصم أو بالخصم لما فيه من معنى الخصومة لا بأتى لان اتيانه الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن حينئذ وقوله تعالى «إذ دخلوا على داود» بدل مما قبله أو ظرف لتسوروا «ففزع منهم» روى انه تعالى بعث اليه ملكين في صورة انسانين قيل هما جبريل وميكائيل عليهما السلام فطلبا ان يدخلا عليه فوجداه في يوم عبادته فمنعهما الحرس فتسوروا عليه المحراب بمن معهما من الملائكة فلم يشعر الا وهما بين يديه جالسان ففزع منهم لأنهم نزلوا عليه من فوق على خلاف العادة والحرس حوله في غير يوم الحكومة والقضاء قال ابن عباس رضي الله عنهما ان داود عليه السلام جزا زمانه أربعة اجزاء يوما للعبادة ويوما للقضاء ويوما للاشتغال بخاصة نفسه ويوما للوعظ والتذكير «قالوا» استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية فزعه عليه الصلاة والسلام كأنه قيل فماذا قالت الملائكة عند مشاهدتهم لفزعه فقيل قالوا إزالة لفزعه «لا تخف خصمان» أي نحن فوجان متخاصمان على تسمية مصاحب الخصم خصما «بغى بعضنا على بعض» هو على الفرض وقصد التعرض فلا كذب فيه «فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط» أي لا تجر في الحكومة وقرئ ولا تشطط أي لا تبعد عن الحق وقرئ ولا تشاطط وكلها من معنى الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق «واهدنا إلى سواء الصراط» إلى وسط طريق الحق بزجر الباغي عما سلكه من طريق الجور وارشاده إلى منهاج العدل
(٢٢٠)