«ربنا وأدخلهم» عطف على قهم وتوسيط النداء بينهما للمبالغة في الجؤار «جنات عدن التي وعدتهم» أي وعدتهم إياها وقرئ جنة عدن «ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم» أي صلاحا مصححا لدخول الجنة في الجملة وإن كان دون صلاح أصولهم وهو عطف على الضمير الأول أي وأدخلها معهم هؤلاء ليتم سرورهم ويتضاعف ابتهاجهم أو على الثاني لكن لا بناء على الوعد العام للكل كما قيل إذ لا يقي حينئذ للعطف وجه بل بناء على الوعد الخاص بهم بقوله تعالى ألحقنا بهم ذريتهم بأن يكونوا أعلى درجة من ذريتهم قال سعيد بن جبير يدخل المؤمن الجنة فيقول أين أبي أين ولدي أين زوجي فيقال إنهم لم يعملوا مثل عملك فيقول إني كنت أعمل لي ولهم فيقال أدخلوهم الجنة وسبق الوعد بالإدخال والإلحاق لا يستدعى حصول الموعود بلا توسط شفاعة واستغفار وعليه مبنى قول من قال فائدة الاستغفار زيادة الكرامة والثواب والأول هو الأولى لأن الدعاء بالإدخال فيه صريح وفي الثاني ضمني وقرئ صلح بالضم وذريتهم بالإفراد «إنك أنت العزيز» أي الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور «الحكيم» أي الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة الباهرة من الأمور التي من جملتها إنجاز الوعد فالجملة تعليل لما قبلها «وقهم السيئات» أي العقوبات لأن جزاء السيئة سيئة مثلها أو جزاء السيئات على حذف المضاف وهو تعميم بعد تخصيص أو مخصوص بالاتباع أو المعاصي في الدنيا فمعنى قوله تعالى «ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته» ومن تقه المعاصي في الدنيا فقد رحمته في الآخرة كأنهم طلبوا لهم السبب بعد ما سألوا المسبب «وذلك» إشارة إلى الرحمة المفهومة من رحمته أو إليها وإلى الوقاية وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا من الإشعار ببعد درجة المشار إليه «هو الفوز العظيم» الذي لا مطمع وراءه لطامع «إن الذين كفروا» شروع في بيان أحوال الكفرة بعد دخول النار بعد ما بين فيما سبق أنهم أصحاب النار «ينادون» أي من مكان بعيد وهم في النار وقد مقتوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي وقعوا فيما وقعوا باتباع هواها أو مقت بعضهم بعضا من الأحباب كقوله تعالى يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا أي أبغضوها أشد البغض وأنكروها أبلغ الانكار وأظهروا ذلك على رؤوس الاشهاد فيقال لهم عند ذلك «لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم» أي لمقت الله أنفسكم الأمارة بالسوء أو مقته إياكم في الدنيا «إذ تدعون» من جهة الأنبياء «إلى الإيمان» فتأبون قبوله «فتكفرون» اتباعا لأنفسكم الأمارة ومسارعة إلى هواها أو اقتداء بأخلائكم المضلين واستحبابا لآرائهم أكبر من مقتكم أنفسكم الأمارة أو من مقت بعضكم بعضا
(٢٦٨)