تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢٥٠
الصورة «ثم يهيج» أي يتم جفافه ويشرف على ان يثور من منابته «فتراه مصفرا» من بعد خضرته ونضرته وقرئ مصفارا «ثم يجعله حطاما» فتاتا متكسرة كأن لم يغن بالأمس ولكون هذه الحالة من الآثار القوية علقت بجعل الله تعالى كالإخراج «إن في ذلك» إشارة إلى ما ذكر تفصيلا وما فيه من معنى البعد للايذان ببعد منزلته في الغرابة والدلالة على ما قصد بيانه «لذكري» لتذكيرا عظيما «لأولي الألباب» لأصحاب العقول الخالصة عن شوائب الخلل وتنبيها لهم على حقيقة الحال يتذكرون بذلك أن حال الحياة الدنيا في سرعة التقضى والانصرام كما يشاهدونه من حال الحطام كل عام فلا يغترون ببهجتها ولا يفتتنون بفتنتها أو يجزمون بأن من قدر على إنزال الماء من السماء وإجرائه في ينابيع الأرض قادر على إجراء الأنهار من تحت الغرف هذا وأما ما قيل إن في ذلك لتذكيرا وتنبيها على أنه لا بد من صانع حكيم وأنه كائن عن تقدير وتدبير لا عن تعطيل وإهمال فبمعزل من تفسير الآية الكريمة وإنما يليق ذلك بما لو ذكر ما ذكر من الآثار الجليلة والافعال الجميلة من غير إسناد لها إلى مؤثر ما فحيث ذكرت مسندة إلى الله عز وجل تعين أن يكون متعلق التذكير والتنبيه شؤونه تعالى أو شؤون آثاره حسبما بين لا وجوده تعالى وقوله تعالى «أفمن شرح الله صدره للإسلام» الخ استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من تخصيص الذكرى بأولي الألباب وشرح الصدر للاسلام عبارة عن تكميل الاستعداد له فإنه محل للقلب الذي هو منبع للروح التي تتعلق بها النفس القابلة للاسلام فانشراحه مستدع لاتساع القلب واستضاءته بنوره فإنه روي انه صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح فقيل فما علامة ذلك قال صلى الله عليه وسلم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزوله والكلام في الهمزة والفاء كالذي مر في قوله تعالى أفمن حق عليه كلمة العذاب وخبر من محذوف لدلالة ما بعده عليه والتقدير اكل الناس سواء فمن شرح الله صدره أي خلقه متسع الصدر مستعدا للاسلام فبقي على الفطرة الأصلية ولم يتغير بالعوارض المكتسبة الفادحة فيها «فهو» بموجب ذلك مستقر «على نور» عظيم «من ربه» وهو اللطف الإلهي الفائض عليه عند مشاهدة الآيات التكوينية والتنزيلية والتوفيق للاهتداء بها إلى الحق كمن قسا قلبه وحرج صدره بسبب تبديل فطرة الله بسوء اختباره واستولى عليه ظلمات الغي والضلالة فأعرض عن تلك الآيات بالكلية حتى لا يتذكر بها ولا يغتنمها «فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله» أي من اجل ذكره الذي حقه ان تنشرح له الصدور وتطمئن به القلوب أي إذا ذكر الله تعالى عندهم أو آياته اشمأزوا من اجله وازدادت قلوبهم قساوة كقوله تعالى فزادتهم رجسا وقرئ عن ذكر الله أي عن قبوله «أولئك» البعداء الموصوفون بما ذكر من قساوة القلوب «في ضلال» بعد عن الحق «مبين» ظاهر كونه ضلالا لكل أحد قيل نزلت الآية في حمزة وعلي رضي الله عنهما وأبي لهب وولده وقيل في عمار بن
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283