ياسر رضي الله عنه وأبي جهل وذويه «الله نزل أحسن الحديث» هو القرآن الكريم روى ان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا له صلى الله عليه وسلم حدثا حديثا وعن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم قالوا لو حدثتنا فنزلت والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الأحاديث وفي ايقاع الاسم الجليل مبتدأ وبناء نزل عليه من تفخيم أحسن الحديث ورفع محله والاستشهاد على حسنه وتأكيد استناده اليه تعالى وانه من عنده لا يمكن صدوره عن غيره والتنبيه على أنه وحي معجز مالا يخفي «كتابا» بدل من أحسن الحديث أو حال منه سواء اكتسب من المضاف اليه تعريفا أولا فإن مساغ مجيء الحال من النكرة المضافة اتفاقي ووقوعه حالا مع كونه اسما لا صفة اما لاتصافه بقوله تعالى «متشابها» أو لكونه في قوة مكتوبا ومعنى كونه متشابها تشابه معانيه في الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق في المعاد والمعاش وتناسب ألفاظه في الفصاحة وتجاوب نظمه في الاعجاز «مثاني» صفة أخرى لكتابا أو حال أخرى منه وهو جمع مثنى بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وأنبائه واحكامه وأوامره ونواهيه ووعده ووعيده ومواعظه وقيل لأنه يثنى في التلاوة وقيل هو جمع مثنى مفعل من التثنية بمعنى التكرير والإعادة كما في قوله تعالى فارجع البصر كرتين أي كرة بعد كرة ووقوعه صفة لكتابا باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات ويجوز ان ينتصب على التمييز من متشابها كما يقال رأيت رجلا حسنا شمائل أي شمائله والمعنى متشابهة مثانيه «تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم» قيل صفة لكتابا أو حال منه لتخصصه بالصفة والأظهر انه استئناف مسوق لبيان آثاره الظاهرة في سامعيه بعد بيان أوصافه في نفسه ولتقرير كونه أحسن الحديث والاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضا شديدا وتركيبه من القشع وهو الأديم اليابس قد ضم اليه الراء ليكون رباعيا ودالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده وقف شعره إذا عرض له خوف شديد من منكر هائل دهمه بغتة والمراد اما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير أو بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق والمعنى انهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده اصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم وإذا ذكروا رحمة الله تعالى تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة وذلك قوله تعالى «ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله» أي ساكنة مطمئنة إلى ذكر رحمته تعالى وانما لم يصرح بها ايذانا بأنها أول ما يخطر بالبال عند ذكره تعالى «ذلك» أي الكتاب الذي شرح أحواله «هدى الله يهدي به من يشاء» ان يهديه بصرف مقدوره إلى الاهتداء بتأمله فيما في تضاعيفه من شواهد الحقية ودلائل كونه من عند الله تعالى «ومن يضلل الله» أي يخلق فيه الضلالة بصرف قدرته إلى مباديها واعراضه عما يرشده إلى الحق بالكلية وعدم تأثره بوعيده ووعده أصلا أو
(٢٥١)