ومن يخذل «فما له من هاد» يخلصه من ورطة الضلال وقيل ذلك الذي ذكر من الخشية والرجاء اثر هداه تعالى يهدي بذلك الأثر من يشاء من عباده ومن يضلل أي من لم يؤثر فيه لطفه لقسوة قلبه واصراره على فجوره فماله من هاد من مؤثر فيه بشيء قط «أفمن يتقي بوجهه» الخ استئناف جار مجري التعليل لما قبله من تباين حالي المهتدي والضال والكلام في الهمزة والفاء وحذف الخبر كالذي مر في نظيريه والتقدير اكل الناس سواء فمن شأنه انه بقي نفسه بوجهه الذي هو اشرف أعضائه «سوء العذاب» أي العذاب السيء الشديد «يوم القيامة» لكون يده التي بها كان يتقي المكاره والمخاوف مغلولة إلى عنقه كمن هو آمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج إلى الاتقاء بوجه من الوجوه وقيل نزلت في أبي جهل «وقيل للظالمين» عطف على يتقي ويقال لهم من جهة خزنة النار وصيغة الماضي الدلالة على التحقق والتقرر وقيل هو حال من ضمير يتقي بإضمار قد ووضع المظهر في مقام المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعلة الامر في قوله تعالى «ذوقوا ما كنتم تكسبون» أي وبال ما كنتم تكسبونه في الدنيا على الدوام من الكفر والمعاصي «كذب الذين من قبلهم» استئناف مسوق لبيان ما أصاب بعض الكفرة من العذاب الدنيوي اثر بيان ما يصيب الكل من العذاب الأخروي أي كذب الذين من قبلهم من الأمم السالفة «فأتاهم العذاب» المقدر لكل أمة منهم «من حيث لا يشعرون» من الجهة التي لا يحتسبون ولا يخطر ببالهم اتيان الشر منها «فأذاقهم الله الخزي» أي الذل والصغار «في الحياة الدنيا» كالمسخ والخسف والقتل والسبي والاجلاء ونحو ذلك من فنون النكال «ولعذاب الآخرة» المعد لهم «أكبر» لشدته وسرمديته «لو كانوا يعلمون» أي لو كان من شأنهم ان يعلموا شيئا لعلموا ذلك واعتبروا به «ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل» يحتاج اليه الناظر في أمور دينه «لعلهم يتذكرون» كي يتذكروا به ويتعظوا «قرآنا عربيا» حال مؤكدة من هذا على ان مدار التأكيد هو الوصف كقولك جاءني زيد رجلا صالحا أو مدح له «غير ذي عوج» لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه فهو أبلغ من المستقيم وأخص بالمعاني وقيل المراد بالعوج الشك «لعلهم يتقون» علة أخرى مترتبة على الأولى «ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون»
(٢٥٢)