ظلل من النار» الخ نوع بيان لخسرانهم بعد تهويله بطريق الابهام على ان لهم خبر لظلل ومن فوقهم متعلق بمحذوف قيل هو حال من ظلل والأظهر انه حال من الضمير في الظرف المقدم ومن النار صفة لظلل أي لهم كائنة من فوقهم ظلل كثيرة متراكبة بعضها فوق بعض كائنة من النار «ومن تحتهم» أيضا «ظلل» أي اطباق كثيرة بعضها تحت بعض ظلل لآخرين بل لهم أيضا عند ترديهم في دركاتها «ذلك» العذاب الفظيع هو الذي «يخوف الله به عباده» ويحذرهم إياه بآيات الوعيد ليجتنبوا ما يوقعهم فيه «يا عباد فاتقون» ولا تتعرضوا لما يوجب سخطي وهذه عظة من الله تعالى بالغة منطوية على غاية اللطف والمرحمة وقرئ يا عبادي «والذين اجتنبوا الطاغوت» أي البالغ أقصى غاية الطغيان فعلوت منه بتقديم اللام على العين بني للمبالغة في المصدر كالرحموت والعظموت ثم وصف به للمبالغة في النعت والمراد به هو الشيطان «أن يعبدوها» بدل اشتمال منه فأن عبادة غير الله تعالى عبادة للشيطان إذ هو الآمر بها والمزين لها «وأنابوا إلى الله» واقبلوا اليه معرضين عما سواه اقبالا كليا «لهم البشرى» بالثواب على السنة الرسل أو الملائكة عند حضور الموت وحين يحشرون وبعد ذلك «فبشر عباد» «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه» هم الموصوفون بالاجتناب والإنابة بأعيانهم لكن وضع موضع ضميرهم الظاهر تشريفا لهم بالإضافة ودلالة على ان مدار اتصافهم بالوصفين الجليلين كونهم نقادا في الدين يميزون الحق من الباطل ويؤثرون الأفضل فالأفضل «أولئك» إشارة إليهم باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الجليلة وما فيه من معنى البعد للايذان بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل ومحله الرفع على الابتداء خبره ما بعده من الموصول أي أولئك المنعوتون بالمحاسن الجميلة «الذين هداهم الله» للذين الحق «وأولئك هم أولوا الألباب» أي هم أصحاب العقول السليمة عن معارضة الوهم ومنازعة الهوى المستحقون للهداية لا غيرهم وفيه دلالة على ان الهداية تحصل بفعل الله تعالى وقبول النفس لها «أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار» بيان الأحوال أضداد المذكورين على طريقة الاجمال وتسجيل عليهم بحرمان الهداية وهم عبدة الطاغوت ومتبعو خطواتها كما يلوح به التعبير عنهم بمن حق عليه كلمة العذاب فإن المراد بها قوله تعالى لإبليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين وقوله تعالى لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين واصل الكلام امن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه على انها شرطية دخل عليها الهمزة لانكار مضمونها ثم الفاء لعطفها على جملة مستتبعة لها مقدرة بعد الهمزة ليتعلق الانكار والنفي بمضمونيهما
(٢٤٨)