معا أي أأنت مالك امر الناس فمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه ثم كررت الهمزة في الجزاء لتأكيد الانكار وتذكيره لما طال الكلام ثم وضع موضع الضمير من في النار لمزيد تشديد الانكار والاستبعاد والتنبيه على ان المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع في النار وان اجتهاده صلى الله عليه وسلم في دعائهم إلى الايمان سعى في إنقاذهم من النار ويجوز ان يكون الجزاء محذوفا وقوله تعالى أفأنت الخ جملة مستقلة مسوقة لتقرير مضمون الجملة السابقة وتعيين ما حذف منها وتشديد الانكار بتنزيل من استحق العذاب منزلة من دخل النار وتصوير الاجتهاد في دعائه إلى الايمان بصورة الانقاذ من النار كأنه قيل أولا أفمن حق عليه العذاب فأنت تخلصه منه ثم شدد النكير فقيل أفأنت تنقذ من في النار وفيه تلويح بأنه تعالى هو الذي يقدر على الانقاذ لا غيره وحيث كان المراد بمن في النار الذين قيل في حقهم لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل استدرك منهم بقوله تعالى «لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف» وهم الذين خوطبوا بقوله تعالى يا عباد فاتقون ووصفوا بما عدد من الصفات الفاضلة وهم المخاطبون أيضا فيما سبق بقوله تعالى يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم الآية وبين ان لهم درجات عالية في جنات النعيم بمقابلة ما للكفرة من دركات سافلة في الجحيم أي لهم علالي بعضها فوق بعض «مبنية» بناء المنازل المبنية المؤسسة على الأرض في الرصانة والاحكام «تجري من تحتها» من تحت تلك الغرف «الأنهار» من غير تفاوت بين العلو والسفل «وعد الله» مصدر مؤكد لقوله تعالى لهم غرف الخ فإنه وعد واي وعد «لا يخلف الله الميعاد» لاستحالته عليه سبحانه «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء» استئناف وارد اما لتمثيل الحياة الدنيا في سرعة الزوال وقرب الاضمحلال بما ذكر من أحوال الزرع ترغيبا عن زخارفها وزينتها وتحذيرا من الاغترار بزهرتها كما في نظائر قوله تعالى انما مثل الحياة الدنيا الآية أو للاستشهاد على تحقق الموعود من الأنهار الجارية من تحت الغرف بما يشاهد من انزال الماء من السماء وما يترتب عليه من آثار قدرته تعالى واحكام حكمته ورحمته والمراد بالماء المطر وقيل كل ماء في الأرض فهو من السماء ينزل منها إلى الصخرة ثم يقسمه الله تعالى بين البقاع «فسلكه» فأدخله ونظمه «ينابيع في الأرض» أي عيونا ومجاري كالعروق في الأجساد وقيل مياها نابعة فيها فإن الينبوع يطلق على المنبع والنابع فنصبها على الحال وعلى الأول بنزع الجار أي في ينابيع «ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه» أصنافه من بر وشعير وغيرهما أو كيفاته من الألوان والطعوم وغيرهما وكلمة ثم للتراخي في الرتبة أو الزمان وصيغة المضارع لاستحضار
(٢٤٩)