وأما السماوات فليست من الدنيا على أحد القولين، فإذا أريد الوصف الشامل للسموات; وهو معنى العلو والفوق أفردته كالأرض; بدليل قوله تعالى: * (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) *. * (أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا) * فأفرد هنا لما كان المراد الوصف الشامل وليس المراد سماء معينة.
وكذا قوله: * (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء) *، بخلاف قوله في سبأ: * (عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) *، فإن قبلها ذكر الله سبحانه سعة علمه، وأن له ما في السماوات وما في الأرض، فاقتضى السياق أن يذكر سعة علمه، وتعلقه بمعلومات ملكه; وهو السماوات كلها والأرض.
ولما لم يكن في سورة يونس ما يقتضى ذلك أفردها إرادة للجنس.
وقال السهيلي: لأن المخاطبين بالإفراد مقرون بأن الرزق ينزل من السحاب وهو سماء، ولهذا قال في آخر الآية: * (فسيقولون الله) *، وهم لا يقرون بما نزل من فوق ذلك من الرحمة والرحمن وغيرها، ولهذا قال في آية سبأ: * (قل الله) *، أو أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا القول ليعلم بحقيقته.
وكذا قوله: * (وهو الله في السماوات وفى الأرض يعلم سركم وجهركم) *