ولم يجئ في سياق الإخبار بنزول الماء منها إلا مفردة حيث وقعت، لما لم يكن المراد نزوله من ذاتها; بل المراد الوصف.
فإن قيل: فهل يظهر فرق بين قوله تعالى في سورة يونس: * (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار) *، وبين قوله في سورة سبأ: * (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله) *؟
قيل: السياق في كل منهما مرشد إلى الفرق; فإن الآيات التي في يونس سيقت للاحتجاج عليهم بما أقروا به من كونه تعالى هو رازقهم، ومالك أسماعهم وأبصارهم، ومدبر أمورهم; بأن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي; فلما كانوا مقرين بهذا كله، حسن الاحتجاج به عليهم; إذ فاعل هذا هو الله الذي لا إله غيره، فكيف تعبدون معه غيره! ولهذا قال بعده: * (فسيقولون الله) *، أي هم يقرون به ولا يجحدونه، والمخاطبون المحتج عليهم بهذه الآية إنما كانوا مقرين بنزول الرزق مقبل هذه السماء التي يشاهدونها، ولم يكونوا مقرين ولا عالمين بنزول الرزق من سماء إلى سماء حتى ينتهى إليهم، فأفردت لفظة " السماء " هنا لذلك.
وأما الآية التي في سبأ; فإنه لم ينتظم لها ذكر إقرارهم بما ينزل من السماء، ولهذا أمر رسوله بأن يجيب، وأن يذكر عنهم أنهم هم المجيبون، فقال: * (قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله) *، ولم يقل: * (فسيقولون الله) *، أي الله وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه ومنافعه من السماوات * * * ومنها ذكر الرياح في القرآن جمعا ومفردة، فحيث ذكرت في سياق الرحمة جاءت