ومن ذلك جمع الظلمات والنور: * (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) *، ولذلك جمع سبيل الباطل، وأفرد سبيل الحق، كقوله: * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) *.
والجواب في ذلك كله، أن طريق الحق واحد، وأما الباطل فطرقه متشعبة متعددة، ولما كانت الظلم بمنزلة طريق الباطل، والنور بمنزلة طريق الجنة، بل هما هما، أفرد النور وجمع الظلمات; ولهذا وحد الولي، فقال: * (الله ولى الذين آمنوا) * لأنه الواحد الأحد، وجمع أولياء الكفار لتعددهم، وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي لكثرتها واختلافها، ووحد النور وهو دين الحق.
* * * ومن ذلك أفرد اليمين والشمال في قوله: * (عن اليمين وعن الشمال عزين) *، وجمعها في قوله: * (وعن أيمانهم وعن شمائلهم) * ولا سؤال فيه، إنما السؤال في جمع أحدهما وإفراد الآخر، كقوله تعالى: * (يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله) *، قال الفراء: كأنه إذا وحد ذهب إلى واحد من ذوات الظلمة، وإذا جمع ذهب إلى كلها، والحكمة في تخصيص اليمين بالإفراد ما سبق; فإنه لما كانت اليمين جهة الخير والصلاح، وأهلها هم الناجون أفردت، ولما كانت الشمال جهة أهل الباطل وهم أصحاب الشمال جمعت في قوله: * (عن اليمين والشمائل) *.