ومنه قوله تعالى في سورة الروم: * (وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون) *.
وقوله: * (فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون. وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) *.
وأما قوله تعالى: * (فإذا مس الإنسان ضر) *، بلفظ " إذا " مع " الضر " فقال السكاكي: نظر في ذلك إلى لفظ المس، وتنكير " الضر " المفيد للتعليل ليستقيم التوبيخ، وإلى الناس المستحقين أن يلحقهم كل ضرر، وللتنبيه على أن مس قدر يسير من الضر لأمثال هؤلاء، حقه أن يكون في حكم المقطوع به.
وأما قوله تعالى: * (وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض) * بعد قوله: * (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه) *، أي أعرض عن الشكر، وذهب بنفسه وتكبر. والذي تقتضيه البلاغة أن يكون الضمير للمعرض المتكبر لا المطلق الإنسان، ويكون لفظ " إذا " للتنبيه على أن مثل هذا المعرض المتكبر يكون ابتلاؤه بالشر مقطوعا.
الثاني: من الأحكام المخالفة أن المشروط ب " إن " إذا كان عدما لم يمتنع الجزاء في الحال; حتى يتحقق اليأس من وجوده، ولو كان العدم مشروطا ب " إذا " وقع الجزاء في الحال; مثل: إن لم أطلقك فأنت طالق، لم تطلق إلا في آخر العمر. وإذا قال: إذا لم أطلقك فأنت طالق، تطلق في الحال; لأن معناه: أنت طالق في زمان عدم تطليقي لك، فأي زمان تخلف عن التطليق يقع فيه الطلاق. وقوله: " إن لم أطلقك " تعليق للطلاق على امتناع الطلاق، ولا يتحقق ذلك إلا بموته غير مطلق.
الثالث: أن " إن " تجزم الفعل المضارع إذا دخلت عليه، و " إذا " لا تجزمه; لم لأنها لا تتمحض شرطا، بل فيها معنى التزام الجزاء في وقت الشرط، من غير وجوب أن يكون معللا بالشرط.