وعن أيمانهم وعن شمائلهم) * فإن الجمع هناك يقابله كثير مما يريد إغوائهم، فجمع لمقابلة الجملة بالجملة المقتضى لتوزيع الأفراد على الأفراد.
* * * ومنها، حيث وقع في القرآن ذكر الجنة فإنها تجئ تارة مجموعة، وتارة غير مجموعة، والنار لم تقع إلا مفردة، وفى ذلك وجهان:
أحدهما: لما كانت الجنات مختلفة الأنواع، حسن جمعها وإفرادها، ولما كانت النار واحدة أفردت باعتبار الجنس، ونظيره قوله تعالى: * (بأكواب وأباريق وكأس من معين) *، لم يقل " وكؤوس " لما سنذكره.
الثاني: أنه لما كانت النار تعذيبا، والجنة رحمة ناسب جمع الرحمة وإفراد العذاب، نظير جمع الريح في الرحمة، وإفرادها في العذاب.
وأيضا فالنار دار حبس والغاضب يجمع جماعة من المحبوسين في موضع واحد; أنكد لعيشهم، والكريم لا يترك ضيفه; ولا سيما إذا كان للدوام; إلا في دار مفردة مهيأة له وحده، فالنار لكل مذنب، ولكل مطيع جنة، فجمع الجنان ولم يجمع النار.
* * * ومنها: جمع " الآيات " في موضع وإفرادها في آخر، فحيث جمعت فلجمع الدلائل، وحيث وحدت فلوحدانية المدلول عليه; لما يخرج عن ذلك، ولهذا قال في الحجر: * (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) * ثم قال: * (إن في ذلك لآية للمؤمنين) *، فلما ذكر صفة المؤمنين بالوحدانية، وحد الآية; وليس لها نظير إلا في العنكبوت وهو قوله:
* (خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية) *.