إذ لا معنى للتفضيل في الصورة الذهنية، وإنما أضاف إلى الذهن لأن تلك الحقيقة التي ذكرناها; وإن كانت موجودة في الخارج; لاشتمال الأفراد الخارجية عليها، ولكنها كلها مطابقة للصورة الذهنية التي لتلك الحقيقة، ولهذا تسمى الكلية الطبيعية.
الرابع: أن يقصد بها الحقيقة، باعتبار كلية ذلك المعنى، وتعرف بأنها التي إذا نزعت حسن أن يخلفها " كل " وتفيد معناها الذي وضعت له حقيقة; ويلزم من ذلك الدلالة على شمول الأفراد، وهي الاستغراقية، ويظهر أثره في صحة الاستثناء منه، مع كونه بلفظ الفرد، نحو: * (إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا) *، وفى صحة وصفه بالجمع نحو:
* (أو الطفل الذين لم يظهروا) *.
قال صاحب،، ضوء المصباح،،: سواء أكان الشمول باعتبار الجنس، كالرجل والمرأة، أو باعتبار النوع كالسارق والسارقة، ويفرق بينهما، بأن ما دخلت عليه من أجل فعله فيزول عنه الاسم بزوال الفعل، فهي للنوع. وما دخلت عليه من أجل وصفه فلا يزول عنه الاسم أبدا. هذا كله إذا دخلت على مفرد، نحو: * (إلى عالم الغيب والشهادة) * * (وخلق الإنسان ضعيفا) * * (إن الإنسان لفي خسر) * خلافا للإمام فخر الدين ومن تبعه في قولهم: إن المفرد المحلى بالألف واللام لا يعم، ولنا الاستثناء في قوله تعالى:
* (أو الطفل الذين لم يظهروا) *، وليس في قوله: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * دلالة على العموم، كما زعم صاحب الكشاف.
فإن قلت: فإذا لم يكن السارق عاما، فبماذا تقطع يد كل سارق من لدن سرق رداء صفوان إلى انقضاء العالم.