قال: وقد تفكرت في مواضع من القرآن، فوجدت ذلك مراعى، قال الله تعالى في الملك: * (تؤتى الملك من تشاء) * لأن الملك شئ عظيم لا يعطيه إلا من له قوة; ولأن الملك في الملك أثبت من الملك في المالك; فإن الملك لا يخرج الملك من يده، وأما المالك فيخرجه بالبيع والهبة.
وقال تعالى: * (يؤتى الحكمة) * لأن الحكمة إذا ثبتت في المحل دامت.
وقال: * (آتيناك سبعا من المثاني) *، لعظم القرآن وشأنه.
وقال: * (إنا أعطيناك الكوثر) * لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته يردون على الحوض ورود النازل على الماء، ويرتحلون إلى منازل العز والأنهار الجارية في الجنان، والحوض للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته عند عطش الأكباد قبل الوصول إلى المقام الكريم، فقال فيه: * (إنا أعطيناك) *، لأنه يترك ذلك عن قرب، وينتقل إلى ما هو أعظم منه.
وقال: * (أعطى كل شئ خلقه) *، لأن من الأشياء ماله وجود في زمان واحد بلفظ الإعطاء، وقال: * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) *، لأنه تعالى بعد ما يرضى النبي صلى الله عليه وسلم يزيده وينتقل به من كل الرضا إلى أعظم ما كان يرجو منه، لا بل حال أمته كذلك، فقوله: * (يعطيك ربك) * فيه بشارة.
وقال: * (حتى يعطوا الجزية عن يد) * لأنها موقوفة على قبول منا، وهم