وقال ابن الخباز: إذا دخلت " قد " على الماضي أثرت فيه معنيين: تقريبه من زمن الحال، وجعله خبرا منتظرا; فإذا قلت: قد ركب الأمير، فهو كلام لقوم ينتظرون حديثك.
هذا تفسير الخليل. انتهى.
وظاهر أنها تفيد المعنيين معا في الفعل الواحد.
ولا يقال: إن معنى التقريب ينافي معنى التوقع; لأن المراد به ما تقدم تفسيره.
وكلام الزمخشري في،، المفصل،، يدل على أن التقريب لا ينفك عن معنى التوقع.
* * * وأما التقليل، فإنها ترد له مع المضارع، إما لتقليل وقوع الفعل نحو: قد يجود البخيل وقد يصدق الكذوب. أو للتقليل لمتعلق، كقوله تعالى: * (قد يعلم ما أنتم عليه) *، أي ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه.
وقال الزمخشري: هي للتأكيد، وقال: إن " قد " إن دخلت على المضارع كانت بمعنى " ربما "، فوافقت " ربما " في خروجها إلى معنى التكثر; والمعنى: إن جميع السماوات والأرض مختصا به خلقا وملكا وعلما، فكيف يخفى عليه أحوال المنافقين!
قال في سورة الصف: * (لم تؤذونني وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم) *: قد معناها التوكيد، كأنه قال: تعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه.
ونص ابن مالك على أنها كانت للتقليل صرفت المضارع إلى الماضي.
وقد نازع بعض المتأخرين في أن " قد " تفيد التقليل، مع أنه مشهور ونص عليه الجمهور، فقال: قد تدل على توقع الفعل عمن أسند إليه، وتقليل المعنى لم يستفد من " قد " بل لو قيل: البخيل يجود والكذوب يصدق، فهم منه التقليل; لأن الحكم على من شأنه