فلها) *، ولم ينقطع بذلك نظام الكلام، إلى أن خرج إلى قوله: * (عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا) *، يعنى إن عدتم إلى الطاعة عدنا إلى العفو. ثم خرج خروجا آخر إلى حكمة القرآن; لأنه الآية الكبرى. وعلى هذا فقس الانتقال من مقام إلى مقام; حتى ينقطع الكلام.
* * * وبهذا يظهر لك اشتمال القرآن العظيم على النوع المسمى بالتخلص. وقد أنكره أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي تعالى وقال: ليس في القرآن الكريم منه شئ، لما فيه من التكلف. وليس كما قال.
ومن أحسن أمثلته قوله تعالى: * (الله نور السماوات والأرض...) * الآية، فإن فيها خمس تخلصات: وذلك أنه جاء بصفة النور وتمثيله، ثم تخلص منه إلى ذكر الزجاجة وصفاتها، ثم رجع إلى ذكر النور والزيت يستمد منه، ثم التخلص منه إلى ذكر الشجرة، ثم تخلص من ذكرها إلى صفة الزيت، ثم تخلص من صفة الزيت إلى صفة النور وتضاعفه، ثم تخلص منه إلى نعم الله بالهدى على من يشاء.
ومنه قوله تعالى: * (سأل سائل بعذاب واقع...) * الآية; فإنه سبحانه ذكر أولا عذاب الكفار وأن لا دافع له من الله; ثم تخلص إلى قوله: * (تعرج الملائكة والروح إليه) * بوصف * (الله ذي المعارج) *.
ومنه قوله تعالى: * (واتل عليهم نبأ إبراهيم. إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون) *،