النذير المبين) * فإن فيه محذوفا; كأنه قال: أنا النذير المبين، عقوبة أو عذابا، مثل ما أنزلنا على المقتسمين.
وأما قوله تعالى: * (لا تحرك به لسانك لتعجل به) * وقد اكتنفه من جانبيه قوله: (بل الانسان على نفسه بصيرة. ولو ألقى معاذيره) *. وقوله: * (كلا بل تحبون العاجلة. وتذرون الآخرة) *; فهذا من باب قولك للرجل، وأنت تحدثه بحديث فينتقل عنك ويقبل على، شئ آخر: أقبل على واسمع ما أقول، وافهم عنى، ونحو هذا الكلام; ثم تصل حديثك; فلا يكون بذلك خارجا عن الكلام الأول; قاطعا له; وإنما يكون به مشوقا للكلام. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب; وكان إذا نزل عليه الوحي وسمع القرآن حرك لسانه بذكر الله، فقيل له: تدبر ما يوحى إليك، ولا تتلقفه بلسانك; فإنما نجمعه لك ونحفظه عليك.
ونظيره قوله في سورة المائدة: * (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) * إلى قوله: * (الاسلام دينا) *، فإن الكلام بعد ذلك متصل بقوله أولا: * (ذلكم فسق) *، ووسط هذه الجملة بين الكلامين ترغيبا في قبول هذه الأحكام، والعمل بها، والحث على مخالفة الكفار وموت كلمتهم وإكمال الدين. ويدل على اتصال * (فمن اضطر) * بقوله: * (ذلكم فسق) * آية الأنعام * (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر) *.