الفواصل يكن رؤوس آي وغيرها. وكل رأس آية فاصلة، وليس كل فاصلة رأس آية; فالفاصلة فيه تعم النوعين، وتجمع الضربين; ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي * (يوم يأت) * و * (ما كنا نبغ) * - وهما غيره رأس آيتين بإجماع - مع * (إذا يسر) *; وهو رأس آية باتفاق. انتهى.
وتقع الفاصلة عند الاستراحة في الخطاب لتحسين الكلام بها; وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام. وتسمى فواصل; لأنه ينفصل عندها الكلامان; وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها، ولم يسموها أسجاعا.
فأما مناسبة فواصل، فلقوله تعالى: * (كتاب فصلت آياته) *. وأما تجنب أسجاع، فلأن أصله من سجع الطير، فشرف القرآن الكريم أن يستعار لشئ فيه لفظ هو أصل في صوت الطائر، ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في اسم السجع الواقع في كلام آحاد الناس، ولأن القرآن من صفات الله عز وجل فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها وإن صح المعنى; ثم فرقوا بينهما فقالوا: السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحيل المعنى عليه، والفواصل التي تتبع المعاني، ولا تكون مقصودة في نفسها قال الرماني في كتاب " إعجاز القرآن "، وبنى عليه أن الفواصل بلاغة والسجع عيب، وتبعه القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب " إعجاز القرآن "، ونقل عن الأشعرية امتناع كون في القرآن سجعا. قال: " ونص عليه الشيخ أبو الحسن الأشعري في غير موضع من كتبه ".