قلت: وهو مبنى على أن ترتيب السور توقيفي; وهذا الراجح كما سيأتي، وإذا اعتبرت افتتاح كل سوره وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها; ثم هو يخفى تارة ويظهر أخرى; كافتتاح سورة الأنعام بالحمد، فإنه مناسب لختام سورة المائدة من فصل القضاء; كما قال سبحانه: * (وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) *. لأن وكافتتاح سورة فاطر ب * (الحمد) * أيضا; فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله: * (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل) *; وكما قال تعالى: * (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) *. وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح، فإنه مناسب لختام سورة الواقعة، من الأمر به. وكافتتاح البقرة بقوله: * (آلم ذلك الكتاب لا ريب فيه) * إشارة إلى * (الصراط) * في قوله:
* (اهدنا الصراط المستقيم) *; كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط المستقيم قيل لهم:
ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب.
وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة; وهو يرد سؤال الزمخشري في ذلك.
وتأمل ارتباط سورة * (لإيلاف قريش) * بسورة الفيل; حتى قال الأخفش اتصالها بها من باب قوله: * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) *.