وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض، فيقوى بذلك الارتباط، ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم، المتلائم الأجزاء.
وقد قل اعتناء المفسرين بهذا النوع لدقته; وممن أكثر منه الإمام فخر الدين الرازي وقال في تفسيره: أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط.
وقال بعض الأئمة: من محاسن الكلام أن يرتبط بعضه ببعض، لئلا يكون منقطعا.
وهذا النوع يهمله بعض المفسرين، أو كثير منهم، وفوائده غزيرة. قال القاضي أبو بكر بن العربي في: " سراج المريدين ": ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة، متسقة المعاني، منتظمة المباني علم، عظيم، لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة، ثم فتح الله عز وجل لنا فيه; فلما لم نجد له حملة، ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه، وجعلناه بيننا وبين الله، ورددناه إليه.
وقال الشيخ أبو الحسن الشهراباني، أول من أظهر ببغداد علم المناسبة ولم نكن سمعناه من غيره هو الشيخ الإمام أبو بكر النيسابوري; وكان غزير العلم في الشريعة والأدب، وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه الآية: لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه؟ وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟ وكان يزرى على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة. انتهى.