بالباطل مع علمه بذلك " مناع للخير " أي لا يؤدي ما عليه من الحقوق ولا بر فيه ولا صلة ولا صدقة " معتد " أي فيما ينفقه ويصرفه يتجاوز فيه الحد. وقال قتادة معتد في منطقه وسيره وأمره " مريب " أي شاك في أمره مريب لمن نظر في أمره " الذي جعل مع الله إلها آخر " أي أشرك بالله فعبد معه غيره " فألقياه في العذاب الشديد " وقد تقدم في الحديث " أن عنقا من النار يبرز للخلائق فينادي بصوت يسمع الخلائق إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر وبالمصورين ثم تنطوي عليهم " قال الإمام أحمد حدثنا معاوية هو ابن هشام حدثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة بكل جبار عنيد ومن جعل مع الله إلها آخر ومن قتل نفسا بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم " " قال قرينه " قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وغيرهم هو الشيطان الذي وكل به " ربنا ما أطغيته " أي يقول عن الانسان الذي قد وافى القيامة كافرا يتبرأ منه شيطانه فيقول " ربنا ما أطغيته " أي ما أضللته " ولكن كان في ضلال بعيد " أي بل كان هو في نفسه ضالا قابلا للباطل معاندا للحق كما أخبر سبحانه وتعالى في الآية الأخرى في قوله " وقال الشيطان لما قضي الامر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم ".
وقوله تبارك وتعالى " قال لا تختصموا لدي " يقول الرب عز وجل للانسي وقرينه من الجن وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق تعالى فيقول الانسي يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني ويقول الشيطان " ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد " أي عن منهج الحق فيقول الرب عز وجل لهما " لا تختصموا لدي " أي عندي " وقد قدمت إليكم بالوعيد " أي قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل وأنزلت الكتب وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين " ما يبدل القول لدي " قال مجاهد يعني قد قضيت ما أنا قاضي " وما أنا بظلام للعبيد " أي لست أعذب أحدا بذنب أحد ولكن لا أعذب أحدا إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه.
يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد (30) وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد (31) هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ (32) من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب (33) ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود (34) لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد (35) يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة هل امتلأت؟ وذلك لأنه تبارك وتعالى وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين فهو سبحانه وتعالى يأمر بمن يأمر به إليها ويلقى وهي تقول هل من مزيد: أي هل بقي شئ تزيدوني؟
هذا هو الظاهر من سياق الآية وعليه تدل الأحاديث. قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا عبد الله بن الأسود حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يلقى في النار وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع قدمه فيها فتقول قط قط ": وقال الإمام أحمد حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقا آخر فيسكنهم الله تعالى في فضول الجنة " ثم رواه مسلم من حديث قتادة بنحوه. ورواه أبان العطار وسليمان التيمي عن قتادة بنحوه " حديث آخر " قال البخاري حدثنا محمد بن موسى القطان حدثنا أبو