تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٢٣٧
عليه ثم خلق الله تعالى من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيط بها ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الثانية مرفوعة عليه حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سماوات قال وذلك قوله تعالى " والبحر يمده من بعده سبعة أبحر " فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع. والذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل " ق " هو اسم من أسماء الله عز وجل والذي ثبت عن مجاهد أنه حرف من حروف الهجاء كقوله تعالى " ص - ن - حم - طس - ألم " ونحو ذلك فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل المراد قضي الامر والله وأن قوله جل ثناؤه " ق " دلت على المحذوف من بقية الكلمة كقول الشاعر: * قلت لها قفي فقالت ق * وفي هذا التفسير نظر لان الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف؟ وقوله تعالى " والقرآن المجيد " أي الكريم العظيم الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " واختلفوا في جواب القسم ما هو؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ " وفي هذا نظر بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم يتلقى لفظا وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله " ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق " وهكذا قال ههنا " ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب " أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله جل جلاله " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس " أي وليس هذا بعجيب فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ثم قال عز وجل مخبرا عنهم في تعجبهم أيضا من المعاد واستبعادهم لوقوعه (أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) أي يقولون أئذا متنا وبلينا وتقطعت الأوصال منا وصرنا ترابا كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب؟ " ذلك رجع بعيد " أي بعيد الوقوع. والمعنى أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه قال الله تعالى رادا عليهم (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم) أي ما تأكل من أجسادهم في البلى نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان وأين ذهبت وإلى أين صارت " وعندنا كتاب حفيظ " أي حافظ لذلك فالعلم شامل والكتاب أيضا فيه كل الأشياء مضبوطة. قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " أي ما تأكل من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم كذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم ثم بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال (بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج) أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل والمريج المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله كقوله تعالى " إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك ".
أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب (8) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد (9) والنخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج (11) يقول تعالى منبها للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه " أفلم ينظروا
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615