عليه ثم خلق الله تعالى من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيط بها ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له قاف السماء الثانية مرفوعة عليه حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سماوات قال وذلك قوله تعالى " والبحر يمده من بعده سبعة أبحر " فإسناد هذا الأثر فيه انقطاع. والذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل " ق " هو اسم من أسماء الله عز وجل والذي ثبت عن مجاهد أنه حرف من حروف الهجاء كقوله تعالى " ص - ن - حم - طس - ألم " ونحو ذلك فهذه تبعد ما تقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل المراد قضي الامر والله وأن قوله جل ثناؤه " ق " دلت على المحذوف من بقية الكلمة كقول الشاعر: * قلت لها قفي فقالت ق * وفي هذا التفسير نظر لان الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف؟ وقوله تعالى " والقرآن المجيد " أي الكريم العظيم الذي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " واختلفوا في جواب القسم ما هو؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ " وفي هذا نظر بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه وإن لم يكن القسم يتلقى لفظا وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله " ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق " وهكذا قال ههنا " ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب " أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر كقوله جل جلاله " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس " أي وليس هذا بعجيب فإن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. ثم قال عز وجل مخبرا عنهم في تعجبهم أيضا من المعاد واستبعادهم لوقوعه (أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد) أي يقولون أئذا متنا وبلينا وتقطعت الأوصال منا وصرنا ترابا كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب؟ " ذلك رجع بعيد " أي بعيد الوقوع. والمعنى أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه قال الله تعالى رادا عليهم (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم) أي ما تأكل من أجسادهم في البلى نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان وأين ذهبت وإلى أين صارت " وعندنا كتاب حفيظ " أي حافظ لذلك فالعلم شامل والكتاب أيضا فيه كل الأشياء مضبوطة. قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى " قد علمنا ما تنقص الأرض منهم " أي ما تأكل من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم كذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وغيرهم ثم بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد فقال (بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج) أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل والمريج المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله كقوله تعالى " إنكم لفي قول مختلف يؤفك عنه من أفك ".
أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج (6) والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج (7) تبصرة وذكرى لكل عبد منيب (8) ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد (9) والنخل باسقات لها طلع نضيد (10) رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج (11) يقول تعالى منبها للعباد على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه " أفلم ينظروا