الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلى ما يشاء الله تعالى من التضعيف. قوله جل وعلا " أولئك لهم رزق معلوم " قال قتادة والسدي يعني الجنة ثم فسره بقوله تعالى " فواكه " أي متنوعة " وهم مكرمون " أي يخدمون ويرفهون وينعمون " في جنات النعيم * على سرر متقابلين " قال مجاهد لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض، وقال ابن أبي حاتم حدثنا يحيى بن عبدك القزويني حدثنا حسان بن حسان حدثنا إبراهيم بن بشر حدثنا يحيى بن معين حدثنا إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الآية " على سرر متقابلين " ينظر بعضهم إلى بعض " حديث غريب. قوله تعالى " يطاف عليهم بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " كما قال عز وجل في الآية الأخرى " يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها ولا ينزفون " نزه الله سبحانه وتعالى خمر الجنة عن الآفات التي في خمر الدنيا من صداع الرأس ووجع البطن وهو الغول وذهابها بالعقل جملة فقال تعالى ههنا " يطاف عليهم بكأس من معين " أي بخمر من أنهار جارية لا يخافون انقطاعها ولا فراغها قال مالك عن زيد بن أسلم: خمر جارية بيضاء أي لونها مشرق حسن بهي لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الردئ من حمرة أو سواد أو اصفرار أو كدورة إلى غير ذلك مما ينفر الطبع السليم وقوله عز وجل " لذة للشاربين " أي طعمها طيب كلونها وطيب الطعم دليل على طيب الريح بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك وقوله تعالى " لا فيها غول " يعني لا تؤثر فيهم غولا وهو وجع البطن قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وابن زيد كما تفعله خمر الدنيا من القولنج ونحوه لكثرة مائيتها وقيل المراد بالغول ههنا صداع الرأس وروي هكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما وقال قتادة هو صداع الرأس ووجع البطن وعنه وعن السدي لا تغتال عقولهم كما قال الشاعر: فمنا زالت الكأس تغتالنا وتذهب بالأول الأول وقال سعيد بن جبير لا مكروه فيها ولا أذى، والصحيح قول مجاهد أنه وجع البطن وقوله تعالى " ولاهم عنها ينزفون " قال مجاهد لا تذهب عقولهم وكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب والحسن وعطاء بن أبي مسلم الخراساني والسدي وغيرهم وقال الضحاك عن ابن عباس في الخمر أربع خصال السكر والصداع والقئ والبول فذكر الله تعالى خمر الجنة فنزهها عن هذه الخصال كما ذكر في سورة الصافات وقوله تعالى " وعندهم قاصرات الطرف " أي عفيفات لا ينظرن إلى غير أزواجهن كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وزيد بن أسلم وقتادة والسدي وغيرهم. وقوله تبارك وتعالى " عين " أي حسان الأعين وقيل ضخام الأعين وهو يرجع إلى الأول وهي النجلاء العيناء فوصف عيونهن بالحسن والعفة كقول زليخا في يوسف عليه الصلاة والسلام حين جملته وأخرجته على تلك النسوة فأعظمنه وأكبرنه وظنن أنه ملك من الملائكة لحسنه وبهاء منظره قالت " فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " أي هو مع هذا الجمال عفيف تقي نقي وهكذا الحور العين " خيرات حسان " ولهذا قال عز وجل " وعندهم قاصرات الطرف عين " وقوله جل جلاله " كأنهن بيض مكنون " وصفهن بترافة الأبدان بأحسن الألوان قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما " كأنهن بيض مكنون " يقول اللؤلؤ المكنون وينشد ههنا بيت أبي دهبل الشاعر وهو قوله في قصيدة له وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ميزت من جوهر مكنون وقال الحسن " كأنهن بيض مكنون " يعني محصون لم تمسه الأيدي وقال السدي البيض في عشه مكنون وقال سعيد بن جبير " كأنهن بيض مكنون " يعني بطن البيض وقال عطاء الخراساني هو السحاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة وقال السدي " كأنهن بيض مكنون " يقول بياض البيض حين ينزع قشرته واختاره ابن جرير لقوله مكنون قال والقشرة العليا يمسها جناح الطير والعش وتنالها الأيدي بخلاف داخلها والله أعلم. وقال ابن
(٨)