فروة رأسه فيه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره " وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن رافع حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر وهارون بن عنترة عن سعد بن جبير قال إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم فلو أن مارا مر بهم يعرفهم لعرفهم بوجوههم فيها ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثوا بماء كالمهل وهو الذي قد انتهى حره فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ويصهر ما في بطونهم فيمشون تسيل أمعاءهم وتتساقط جلودهم ثم يضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور وقوله عز وجل " ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم " أي ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج وجحيم تتوقد وسعير تتوهج فتارة في هذا وتارة في هذا كما قال تعالى " يطوفون بينها وبين حميم آن " هكذا تلا قتادة هذه الآية وهو تفسير حسن قوي وقال السدي في قراءة عبد الله رضي الله عنه عنه " ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم " وكان عبد الله رضي الله عنه يقول والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ثم قرأ " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " وروى الثوري عن ميسرة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله رضي الله عنه قال: لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء قال سفيان - أراه - ثم قرأ " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم قلت على هذا التفسير تكون ثم عاطفة لخبر على خبر وقوله تعالى " إنهم ألفوا آباءهم ضالين " أي إنما جازيناهم بذلك لانهم وجدوا آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها بمجرد ذلك من غير دليل ولا برهان، ولهذا قال " فهم على آثارهم يهرعون " قال مجاهد شبيهة بالهرولة، وقال سعيد ابن جبير يسفهون ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين (71) ولقد أرسلنا فيهم منذرين (72) فانظر كيف كان عاقبة المنذرين (73) إلا عباد الله المخلصين (74) يخبر تعالى عن الأمم الماضية أن أكثرهم كانوا ضالين يجعلون مع الله آلهة أخرى وذكر تعالى أنه أرسل فيهم منذرين ينذرون بأس الله ويحذرونهم سطوته ونقمته ممن كفر به وعبد غيره وأنهم تمادوا على مخالفة رسلهم وتكذيبهم فأهلك المكذبين ودمرهم ونجى المؤمنين ونصرهم وظفرهم ولهذا قال تعالى " فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * إلا عباد الله المخلصين ".
ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (75) ونجيناه وأهله من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذريته هم الباقين (77) وتركنا عليه في الآخرين (78) سلام على نوح في العالمين (79) إنا كذلك نجزى المحسنين (80) إنه من عبادنا المؤمنين (81) ثم أغرقنا الآخرين (82) لما ذكر تعالى عن أكثر الأولين أنهم ضلوا عن سبيل النجاة شرع يبين ذلك مفصلا فذكر نوحا عليه الصلاة والسلام وما لقي من قومه من التكذيب وأنه لم يؤمن منهم إلا القليل مع طول المدة لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فلما طال عليه ذلك واشتد عليه تكذيبهم وكلما دعاهم ازدادوا نفرة فدعا ربه أني مغلوب فانتصر فغضب الله تعالى لغضبه عليهم ولهذا قال عز وجل " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون " أي فلنعم المجيبون له " ونجيناه وأهله من الكرب العظيم " وهو التكذيب والأذى " وجعلنا ذريته هم الباقين " قال علي بن أبي طلحة عن ابن