أشد خلقا منهم وإذا كان الامر كذلك فلم ينكرون البعث وهم يشاهدون ما هو أعظم مما أنكروا كما قال عز وجل " لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ثم بين أنهم خلقوا من شئ ضعيف فقال " إنا خلقناهم من طين لازب " قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض وقال ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة هو اللزج الجيد وقال قتادة هو الذي يلزق باليد وقوله عز وجل " بل عجبت ويسخرون " أي بل عجبت يا محمد من تكذيب هؤلاء المنكرين للبعث وأنت موقن مصدق بما أخبر الله تعالى من الامر العجيب وهو إعادة الأجسام بعد فنائها وهم بخلاف أمرك من شدة تكذيبهم يسخرون مما تقول لهم من ذلك.
قال قتادة عجب محمد صلى الله عليه وسلم وسخر ضلال بني آدم " وإذا رأوا آية " أي دلالة واضحة على ذلك " يستسخرون " قال مجاهد وقتادة يستهزئون " وقالوا إن هذا إلا سحر مبين " أي إن هذا الذي جئت به إلا سحر مبين (أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون " يستبعدون ذلك ويكذبون به " قل نعم وأنتم داخرون " أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون يوم القيامة بعدما تصيرون ترابا وعظاما وأنتم داخرون أي حقيرون تحت القدرة العظيمة كما قال تبارك وتعالى " وكل أتوه داخرين " وقال " إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " ثم قال جلت عظمته " فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون " أي فإنما هو أمر واحد من الله عز وجل يدعوهم دعوة واحد أن يخرجوا من الأرض فإذا هم قيام بين يديه ينظرون إلى أهوال يوم القيامة والله تعالى أعلم.
وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين (20) هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون (21) * أحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون (22) من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم (23) وقفوهم إنهم مسؤولون (24) مالكم لا تناصرون (25) بل هم اليوم مستسلمون (26) يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم " وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين " فتقول لهم الملائكة والمؤمنون " هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون " وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " قال أشباههم قال يجئ أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر. وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساءهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرنائهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم.
وقوله تعالى " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " أي أرشدوهم إلى طريق جهنم وهذا كقوله تعالى " ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت