تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ١٢
لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون " بمثل ما قد من عليه قال فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر مما مر عليه في الدنيا من الشدة أشد عليه من الموت.
أذالك خير نزلا أم شجرة الزقوم (62) إنا جعلناها فتنة للظالمين (63) إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم (64) طلعها كأنه رؤوس الشياطين (65) فإنهم لآكلون منها فمالؤن منها البطون (66) ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم (67) ثم مرجعهم لإلى الجحيم (68) إنهم ألفوا آباءهم ضالين (69) فهم على اثارهم يهرعون (70) يقول الله تعالى أهذا الذي ذكره من الجنة وما فيها من مآكل ومشارب ومناكح وغير ذلك من الملاذ خير ضيافة وعطاء " أم شجرة الزقوم " أي التي في جهنم وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك شجرة واحدة معينة كما قال بعضهم إنها شجرة تمتد فروعها إلى جميع محال جهنم كما أن شجرة طوبى ما من دار في الجنة إلا وفيها منها غصن وقد يحتمل أن يكون المراد بذلك جنس شجر يقال له الزقوم كقوله تعالى " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين " يعني الزيتونة ويؤيد ذلك قوله تعالى " ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم " وقوله عز وجل " إنا جعلناها فتنة للظالمين " قال قتادة ذكرت شجرة الزقوم فافتتن بها أهل الضلالة وقالوا صاحبكم ينبئكم أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر فأنزل الله تعالى " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم " غذيت من النار ومنها خلقت وقال مجاهد " إنا جعلناها فتنة للظالمين " قال أبو جهل لعنه الله إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه قلت ومعنى الآية إنما أخبرناك يا محمد بشجرة الزقوم اختبارا نختبر به الناس من يصدق منهم ممن يكذب كقوله تبارك وتعالى " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ". قوله تعالى " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم " أي أصل منبتها في قرار النار طلعها كأنه رؤوس الشياطين تبشيع لها وتكريه لذكرها. قال وهب بن منبه شعور الشياطين قائمة إلى السماء، وأنما شبهها برؤوس الشياطين وإن لم تكن معروفة عند المخاطبين لأنه قد استقر في النفوس أن الشياطين قبيحة المنظر وقيل المراد بذلك ضرب من الحيات رؤوسها بشعة المنظر وقيل جنس من النبات طلعه في غاية الفحاشة وفى هذين الاحتمالين نظر وقد ذكرهما ابن جرير والأول أقوى وأولى والله أعلم. قوله تعالى " فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون " ذكر تعالى أنهم يأكلون من هذه الشجرة التي لا أبشع منها ولا أقبح من منظرها مع ما هي عليه من سوء الطعم والريح والطبع فإنهم ليضطرون إلى الاكل منها لانهم لا يجدون إلا إياها وما هو في معناها كما قال تعالى " ليس لهم طعام إلا من ضريع * لا يسمن ولا يغني من جوع " وقال ابن أبي حاتم رحمه الله حدثنا أبي حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية وقال " اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم فكيف بمن يكون طعامه؟ " ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث شعبة وقال الترمذي حسن صحيح وقوله تعالى " ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم " قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني شرب الحميم على الزقوم وقال في رواية عنه " شوبا من حميم " مزجا من حميم وقال غيره يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغساق مما يسيل من فروجهم وعيونهم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حياة بن شريح الحضرمي حدثنا بقية بن الوليد عن صفوان بن عمر وأخبرني عبيد بن بشير عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: " يقرب - يعني إلى أهل النار - ماء فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقعت
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615