الذي جاءتكم به الأنبياء وأقاموا لكم الحجج على صحة ما جاء وكم به فخالفتموهم " فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون * فأغويناكم إنا كنا غاوين " يقول الكبراء للمستضعفين حقت علينا كلمة الله إنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة " فأغويناكم " أي دعوناكم إلى الضلالة " إنا كنا غاوين " أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا، قال الله تبارك وتعالى " فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون " أي الجميع في النار كل بحسبه " إنا كذلك نفعل بالمجرمين * إنهم كانوا " أي في الدار الدنيا " إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون. قال ابن أبي حاتم حدثنا عبيد الله بن أخي بن وهب حدثنا عمي حدثنا الليث عن ابن مسافر يعني عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عز وجل " وأنزل الله تعالى في كتابه العزيز وذكر قوما استكبروا فقال تعالى " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ". وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أبي حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سعيد الجريري عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون نعبد الله وعزيرا فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟
فيقولون نعبد الله والمسيح فيقال لهم خذوا ذات الشمال ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون ثم يقال لهم لا إله إلا الله فيستكبرون فيقال لهم خذوا ذات الشمال. قال أبو نضرة فينطلقون أسرع من الطير قال أبو العلاء ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون كنا نعبد الله تعالى فيقال لهم هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون نعم فيقال لهم فكيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون نعلم أنه لا عدل له، قال فيتعرف لهم تبارك وتعالى وتقدس وينجي الله المؤمنين " ويقولون أإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون " أي أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى تكذيبا لهم وردا عليهم " بل جاء بالحق " يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق في جميع شرعة الله تعالى له من الاخبار والطلب " وصدق المرسلين " أي صدقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة والمناهج السديدة وأخبر عن الله تعالى في شرعه وأمره كما أخبروا " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " الآية.
إنكم لذائقوا العذاب الأليم (38) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (39) إلا عباد الله المخلصين (40) أولئك لهم رزق معلوم (41) فواكه وهم مكرمون (42) في جنات النعيم (43) على سرر متقابلين (44) يطاف عليهم بكأس من معين (45) بيضاء لذة للشاربين (46) لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون (47) وعندهم قاصرات الطرف عين (48) كأنهن بيض مكنون (49) يقول تعالى مخاطبا للناس " إنكم لذائقوا العذاب الأليم * وما تجزون إلا ما كنتم تعملون " ثم استثنى من ذلك عباده المخلصين كما قال تعالى " والعصر إن الانسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " وقال عز وجل " لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " وقال تعالى " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا " وقال تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين " ولهذا قال جل وعلا ههنا " إلا عباد الله المخلصين " أي ليسوا يذوقون العذاب الأليم ولا يناقشون في الحساب بل يتجاوز عن سيئاتهم إن كان لهم سيئات ويجزون