تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٥٣٧
عملت عملا كثيرا ونصبت فيه وصليت يوم القيامة نارا حامية. قال الحافظ أبو بكر البرقاني حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا سيار حدثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني يقول مر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بدير راهب قال فناداه يا راهب فأشرف قال فجعل عمر ينظر إليه ويبكي فقيل له يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟ قال ذكرت قول الله عز وجل في كتابه " عاملة ناصبة تصلى نارا حامية " فذاك الذي أبكاني. وقال البخاري قال ابن عباس " عاملة ناصبة " النصارى وعن عكرمة والسدي عاملة في الدنيا بالمعاصي ناصبة في النار بالعذاب والاهلاك. قال ابن عباس والحسن وقتادة " تصلى نارا حامية " أي حارة شديدة الحر (تسقى من عين آنية) أي قد انتهى حرها وغليانها قاله ابن عباس ومجاهد والحسن والسدي. وقوله تعالى (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس شجر من النار وقال سعيد بن جبير هو الزقوم وعنه أنها الحجارة وقال ابن عباس مجاهد وعكرمة وأبو ة الجوزاء وقتادة هو الشبرق قال قتادة: قريش تسميه في الربيع الشبرق وفي الصيف الضريع قال عكرمة وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض. وقال البخاري قال مجاهد الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم وقال معمر عن قتادة " ليس لهم طعام إلا من ضريع " هو الشبرق إذا يبس سمي الضريع وقال سعيد عن قتادة " ليس لهم طعام إلا من ضريع " من شر الطعام وأبشعه وأخبثه وقوله تعالى " لا يسمن ولا يغني من جوع " يعني لا يحصل به مقصود ولا يندفع به محذور.
وجوه يومئذ ناعمة (8) لسعيها راضية (9) في جنة عالية (10) لا تسمع فيها لاغية (11) فيها عين جارية (12) فيها سرر مرفوعة (13) وأكواب موضوعة (14) ونمارق مصفوفة (15) وزرابي مبثوثة (16) لما ذكر حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء فقال " وجوه يومئذ " أي يوم القيامة " ناعمة " أي يعرف النعيم فيها وإنما حصل لها ذلك بسعيها، وقال سفيان " لسعيها راضية " قد رضيت عملها. وقوله تعالى (في جنة عالية) أي رفيعة بهية في الغرفات آمنون (لا تسمع فيها لاغية) أي لا تسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو كما قال تعالى " لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما " وقال تعالى " لا لغو فيها ولا تأثيم " وقال تعالى " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " (فيها عين جارية) أي سارحة وهذه نكرة في سياق الاثبات وليس المراد بها عينا واحدة وإنما هذا جنس يعني فيها عيون جاريات. قال ابن أبي حاتم قرئ على الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبيد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك " (فيها سرر مرفوعة) أي عالية ناعمة كثيرة الفرش مرتفعة السمك عليها الحور العين قالوا فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له.
(وأكواب موضوعة) يعني أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها (ونمارق مصفوفة) قال ابن عباس النمارق الوسائد وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك والسدي والثوري وغيرهم. وقوله تعالى (وزرابي مبثوثة) قال ابن عباس الزرابي البسط وكذا قال الضحاك وغير واحد ومعنى مبثوثة أي ههنا وههنا لمن أراد الجلوس عليها ونذكر ههنا هذا الحديث الذي رواه أبو بكر بن أبي داود حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي عن محمد بن مهاجر عن الضحاك المعافري عن سليمان بن موسى حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية؟ " قالوا نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها قال " قولوا
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615