عملت عملا كثيرا ونصبت فيه وصليت يوم القيامة نارا حامية. قال الحافظ أبو بكر البرقاني حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى حدثنا محمد بن إسحاق السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا سيار حدثنا جعفر قال سمعت أبا عمران الجوني يقول مر عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بدير راهب قال فناداه يا راهب فأشرف قال فجعل عمر ينظر إليه ويبكي فقيل له يا أمير المؤمنين ما يبكيك من هذا؟ قال ذكرت قول الله عز وجل في كتابه " عاملة ناصبة تصلى نارا حامية " فذاك الذي أبكاني. وقال البخاري قال ابن عباس " عاملة ناصبة " النصارى وعن عكرمة والسدي عاملة في الدنيا بالمعاصي ناصبة في النار بالعذاب والاهلاك. قال ابن عباس والحسن وقتادة " تصلى نارا حامية " أي حارة شديدة الحر (تسقى من عين آنية) أي قد انتهى حرها وغليانها قاله ابن عباس ومجاهد والحسن والسدي. وقوله تعالى (ليس لهم طعام إلا من ضريع) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس شجر من النار وقال سعيد بن جبير هو الزقوم وعنه أنها الحجارة وقال ابن عباس مجاهد وعكرمة وأبو ة الجوزاء وقتادة هو الشبرق قال قتادة: قريش تسميه في الربيع الشبرق وفي الصيف الضريع قال عكرمة وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض. وقال البخاري قال مجاهد الضريع نبت يقال له الشبرق يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس وهو سم وقال معمر عن قتادة " ليس لهم طعام إلا من ضريع " هو الشبرق إذا يبس سمي الضريع وقال سعيد عن قتادة " ليس لهم طعام إلا من ضريع " من شر الطعام وأبشعه وأخبثه وقوله تعالى " لا يسمن ولا يغني من جوع " يعني لا يحصل به مقصود ولا يندفع به محذور.
وجوه يومئذ ناعمة (8) لسعيها راضية (9) في جنة عالية (10) لا تسمع فيها لاغية (11) فيها عين جارية (12) فيها سرر مرفوعة (13) وأكواب موضوعة (14) ونمارق مصفوفة (15) وزرابي مبثوثة (16) لما ذكر حال الأشقياء ثنى بذكر السعداء فقال " وجوه يومئذ " أي يوم القيامة " ناعمة " أي يعرف النعيم فيها وإنما حصل لها ذلك بسعيها، وقال سفيان " لسعيها راضية " قد رضيت عملها. وقوله تعالى (في جنة عالية) أي رفيعة بهية في الغرفات آمنون (لا تسمع فيها لاغية) أي لا تسمع في الجنة التي هم فيها كلمة لغو كما قال تعالى " لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما " وقال تعالى " لا لغو فيها ولا تأثيم " وقال تعالى " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما " (فيها عين جارية) أي سارحة وهذه نكرة في سياق الاثبات وليس المراد بها عينا واحدة وإنما هذا جنس يعني فيها عيون جاريات. قال ابن أبي حاتم قرئ على الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبيد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك " (فيها سرر مرفوعة) أي عالية ناعمة كثيرة الفرش مرتفعة السمك عليها الحور العين قالوا فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له.
(وأكواب موضوعة) يعني أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها (ونمارق مصفوفة) قال ابن عباس النمارق الوسائد وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك والسدي والثوري وغيرهم. وقوله تعالى (وزرابي مبثوثة) قال ابن عباس الزرابي البسط وكذا قال الضحاك وغير واحد ومعنى مبثوثة أي ههنا وههنا لمن أراد الجلوس عليها ونذكر ههنا هذا الحديث الذي رواه أبو بكر بن أبي داود حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي عن محمد بن مهاجر عن الضحاك المعافري عن سليمان بن موسى حدثني كريب أنه سمع أسامة بن زيد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في دار سليمة وفاكهة وخضرة وحبرة ونعمة في محلة عالية بهية؟ " قالوا نعم يا رسول الله نحن المشمرون لها قال " قولوا