رواه أيضا عن عمرو بن علي عن ابن أبي عدي عن أبي يونس القشيري عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة فذكر الحديث أخرجاه من طريق أبي يونس القشيري واسمه حاتم بن أبي صغيرة به قال ابن جرير: حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا مسلم عن الحريش بن الخريت أخي الزبير عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: من نوقش الحساب - أو من حوسب - عذب. قال ثم قالت إنما الحساب اليسير عرض على الله تعالى وهو يراهم وقال أحمد حدثنا إسماعيل حدثنا محمد بن إسحاق حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول في بعض صلاته " اللهم حاسبني حسابا يسيرا " فلما انصرف قلت يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال " أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك " صحيح على شرط مسلم وقوله تعالى (وينقلب إلى أهله مسرورا) أي ويرجع إلى أهله في الجنة قاله قتادة والضحاك: مسرورا أي فرحا مغتبطا بما أعطاه الله عز وجل. وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إنكم تعملون أعمالا لا تعرف ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله فمسرور أو مكظوم وقوله تعالى (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره) أي بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى ورائه ويعطي كتابه بها كذلك (فسوف يدعو ثبورا) أي خسارا وهلاكا (ويصلى سعيرا إنه كان في أهله مسرورا) أي فرحا لا يفكر في العواقب ولا يخاف مما أمامه فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل (إنه أن أن لن يحور) أي كان يعتقد أنه لا يرجع إلى الله ولا يعيده بعد موته قاله ابن عباس وقتادة وغيرهما والحور هو الرجوع قال الله (بلى إن ربه كان به بصيرا) يعني بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها فإنه كان به بصيرا أي عليما خبيرا.
فلا أقسم بالشفق (16) والليل وما وسق (17) والقمر إذا اتسق (18) لتركبن طبقا عن طبق (19) فما لهم لا يؤمنون (20) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون (21) بل الذين كفروا يكذبون (22) والله أعلم بما يوعون (23) فبشرهم بعذاب أليم (24) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون (25) روي عن علي وابن عباس وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وشداد بن أوس وابن عمر ومحمد بن علي بن الحسين ومكحول وبكر بن عبد الله المزني وبكير بن الأشج ومالك وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون أنهم قالوا الشفق الحمرة وقال عبد الرزاق عن معمر عن ابن خثيم عن ابن لبيبة عن أبي هريرة قال الشفق البياض فالشفق هو حمرة الأفق إما قبل طلوع الشمس كما قاله مجاهد وإما بعد غروبها كما هو معروف عند أهل اللغة قال الخليل بن أحمد: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة فإذا ذهب قيل غاب الشفق.
وقال الجوهري: الشفق بقية ضوء الشمس وحمرتها في أول الليل إلى قريب من العتمة وكذا قال عكرمة الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " وقت المغرب ما لم يغب الشفق " ففي هذا كله دليل على أن الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل. ولكن صح عن مجاهد أنه قال في هذه الآية " فلا أقسم بالشفق " هو النهار كله وفى رواية عنه أيضا أنه قال الشفق الشمس رواهما ابن أبي حاتم. وانما حمله على هذا قرنه بقوله تعالى (والليل وما وسق) أي جمع كأنه أقسم بالضياء والظلام وقال ابن جرير: أقسم الله بالنهار مدبرا وبالليل مقبلا. وقال ابن جرير وقال آخرون الشفق أسم للحمرة والبياض وقالوا هو من الأضداد. قال ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة " وما وسق " وما جمع قال قتادة وما جمع من نجم ودابة واستشهد ابن عباس بقول الشاعر: