فجعل لا يثب في مكان من البيت إلا أنماط معه من الرصاص قال فأخذوه فأوثقوه وجاءوا به إلى سليمان عليه الصلاة والسلام فأمر به فنقر له تخت من رخام ثم أدخل في جوفه ثم سد بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر فذلك قوله تبارك وتعالى " ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا " ثم أناب يعني الشيطان الذي كان سلط عليه إسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما قوي ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس رضي الله عنهما إن صح عنه من أهل الكتاب وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام فالظاهر أنهم يكذبون عليه ولهذا كان في السياق منكرات من أشدها ذكر النساء فإن المشهور عن مجاهد وغير واحد من أئمة السلف أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان بل عصمهن الله عز وجل منه تشريفا وتكريما لنبيه عليه السلام وقد رويت هذه القصة مطولة عن جماعة من السلف رضي الله عنهم كسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وجماعة آخرين وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وقال يحيى بن أبي عروبة الشيباني: وجد سليمان خاتمه بعسقلان فمشى في حرقة إلى بيت المقدس تواضعا لله عز وجل رواه ابن أبي حاتم وقد روى ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار في صفة كرسي سليمان عليه الصلاة والسلام خبرا عجيبا فقال حدثنا أبي رحمه الله حدثنا أبو صالح كاتب الليث أخبرني أبو إسحاق المصري عن كعب الأحبار أنه لما فرغ من حديث إرم ذات العماد قال له معاوية يا أبا إسحاق أخبرني عن كرسي سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام وما كان عليه ومن أي شئ هو؟
فقال كان كرسي سليمان من أنياب الفيلة مرصعا بالدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ وقد جعل له درجة منها مفصصا بالدر والياقوت والزبرجد ثم أمر بالكرسي فحف من جانبيه بالنخل نخل من ذهب شماريخها من ياقوت وزبرجد ولؤلؤ وجعل على رؤوس النخل التي عن يمين الكرسي طواويس من ذهب ثم جعل على رؤوس النخل التي على يسار الكرسي نسورا من ذهب مقابلة الطواويس وجعل على يمين الدرجة الأولى شجرتي صنوبر من ذهب عن يسارها أسدان من ذهب وعلى رؤوس الأسدين عمودان من زبرجد وجعل من جانبي الكرسي شجرتي كرم من ذهب قد أظلتا الكرسي وجعل عناقيدهما درا وياقوتا أحمر ثم جعل فوق درج الكرسي أسدان عظيمان من ذهب مجوفان محشوان مسكا وعنبرا فإذا أراد سليمان عليه السلام أن يصعد على كرسيه استدار الأسدان ساعة ثم يقعان فينضحان ما في آجوافهما من المسك والعنبر حول كرسي سليمان عليه الصلاة والسلام ثم يوضع منبران من ذهب واحد لخليفته والآخر لرئيس أحبار بني إسرائيل ذلك الزمان ثم يوضع أمام كرسيه سبعون منبرا من ذهب يقعد عليها سبعون قاضيا من بني إسرائيل وعلمائهم وأهل الشرف منهم والطول ومن خلف تلك المنابر كلها خمسة وثلاثون منبرا من ذهب ليس عليها أحد فإذا أراد أن يصعد على كرسيه وضع قدميه على الدرجة السفلى فاستدار الكرسي كله بما فيه وما عليه ويبسط الأسد يده اليمنى وينشر النسر جناحه الأيسر ثم يصعد عليه الصلاة والسلام على الدرجة الثانية فيبسط الأسد يده الأسد يده اليسرى وينشر النسر جناحه الأيمن فإذا استوى سليمان عليه الصلاة والسلام على الدرجة الثالثة وقعد على الكرسي أخذ نسر من تلك النسور عظيم تاج سليمان عليه الصلاة والسلام فوضعه على رأسه فإذا وضعه على رأسه استدار الكرسي بما فيه كما تدور الرحى المسرعة فقال معاوية رضي الله عنه وما الذي يديره يا أبا إسحاق؟ قال تنين من ذهب ذلك الكرسي عليه وهو عظيم مما عمله صخر الجني فإذا أحست بدورانه دارت تلك الأسود والنسور والطواويس التي في أسفل الكرسي دون التي أعلاه فإذا وقف وقفن كلهن منكسات رؤوسهن على رأس سليمان عليه الصلاة والسلام وهو جالس ثم ينضحن جميعا ما في أجوافهن من المسك والعنبر على رأس سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام ثم تتناول حمامة من ذهب واقفة على عمود من جوهر التوراة فتجعلها في يده فيقرأها سليمان عليه الصلاة والسلام على الناس وذكر تمام الخبر وهو غريب جدا " قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب " قال بعضهم معناه لا ينبغي لاحد من بعدي أي لا يصلح لاحد أن يسلبنيه بعدي كما كان من قضية الجسد الذي ألقي على كرسيه لا أنه