قطائع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أو غير ذلك " قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال " هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر " فقالوا نعم يا رسول الله. وقوله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصه " يعني حاجة أي يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم ويبدأون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " أفضل الصدقة جهد المقل " وهذا المقام أعلى من حال الذين وصف الله بقوله تعالى " ويطعمون الطعام على حبه " وقوله " وآتى المال على حبه " فإن هؤلاء تصدقوا وهم يحبون ما تصدقوا به وقد لا يكون لهم حاجة إليه ولا ضرورة به وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه ومن هذا المقام تصدق الصديق رضي الله عنه بجميع ماله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أبقيت لأهلك؟ فقال رضي الله عنه أبقيت لهم الله ورسوله وهكذا الماء الذي عرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه وهو جريح مثقل أحوج ما يكون إلى الماء فرده الآخر إلى الثالث فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم رضي الله عنهم وأرضاهم. وقال البخاري حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثير حدثنا أبو أسامة حدثنا فضيل بن غزوان حدثنا أبو حازم الأشجعي عن أبي هريرة قال:
أتى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا رجل يضيف هذا الليلة رحمه الله " فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله فذهب إلى أهله فقال لامرأته هذا ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئا فقالت والله ما عندي إلا قوت الصبية قال فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئ السراج ونطوي بطوننا الليلة ففعلت ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لقد عجب الله عز وجل - أو ضحك - من فلان وفلانة " وأنزل الله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " وكذا رواه البخاري في موضع آخر ومسلم والنسائي من طرق عن فضيل بن غزوان به وفى رواية لمسلم تسمية هذا الأنصاري بأبي طلحة رضي الله عنه.
وقوله تعالى " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " أي من سلم من الشح فقد أفلح وأنجح.
قال أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا داود بن قيس الفراء عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم " انفرد بإخراجه مسلم فرواه عن القعنبي عن داود بن قيس به.
وقال الأعمش وشعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالظلم فظلموا وأمرهم بالفجور ففجروا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا " ورواه أحمد وأبو داود من طريق شعبة والنسائي من طريق الأعمش كلاهما عن عمرو بن مرة به وقال الليث عن يزيد بن الهاد عن سهيل بن أبي صالح عن صفوان بن أبي يزيد عن القعقاع بن الجلاح عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الشح والايمان في قلب عبد أبدا " وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان أخبرنا ابن المبارك حدثنا المسعودي عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال قال جاء رجل إلى عبد الله فقال يا أبا عبد الرحمن إني أخاف أن أكون قد هلكت فقال له عبد الله وما ذاك؟ قال سمعت الله يقول " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " وأنا رجل شحيح لا أكاد أن أخرج من يدي شيئا فقال عبد الله: ليس ذلك بالشح الذي ذكر الله في القرآن إنما الشح الذي ذكر الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلما ولكن ذاك البخل وبئس الشئ البخل. وقال سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن أبي الهياج الأسدي قال كنت