الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون (22) يقول تعالى مخبرا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله يعني الذين هم في حد والشرع في حد أي مجانبون للحق مشاقون له هم في ناحية والهدى في ناحية " أولئك في الأذلين " أي في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصواب الأذلين في الدنيا والآخرة " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي " أي قد حكم وكتب في كتابه الأول وقدره الذي لا يخالف ولا يمانع ولا يبدل بأن النصرة له ولكتابه ورسله وعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة " وأن العاقبة للمتقين " كما قال تعالى " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد * يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار " وقال ههنا " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " أي كتب القوي العزيز أنه الغالب لأعدائه وهذا قدر محكم وأمر مبرم أن العاقبة والنصرة للمؤمنين في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم " أي لا يوادون المحادين ولو كانوا من الأقربين كما قال تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه " الآية وقال تعالى " قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " وقد قال سعيد بن عبد العزيز وغيره أنزلت هذه الآية " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر " إلى آخرها في أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جعل الامر شورى بعده في أولئك الستة رضي الله عنهم ولو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته وقيل في قوله تعالى " ولو كانوا آباءهم " نزلت في أبي عبيده قتل أباه يوم بدر " أو أبناءهم " في الصديق هم يومئذ بقتل ابنه عبد الرحمن " أو إخوانهم " في مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يومئذ " أو عشيرتهم " في عمر قتل قريبا له يومئذ أيضا وفي حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يومئذ فالله أعلم " قلت " ومن هذا القبيل حين استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين في أسارى بدر فأشار الصديق بأن يفادوا فيكون ما يؤخذ منهم قوة للمسلمين وهم بنو العم والعشيرة ولعل الله تعالى أن يهديهم وقال عمر لا أرى ما رأى يا رسول الله هل تمكنني من فلان قريب لعمر فأقتله وتمكن عليا من عقيل وتمكن فلانا من فلان ليعلم الله أنه ليست في قلوبنا موادة للمشركين القصة بكمالها. وقوله تعالى " أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه " أي من اتصف بأنه لا يواد من حاد الله ورسوله ولو كان أباه أو أخاه فهذا ممن كتب الله في قلبه الايمان أي كتب له السعادة وقررها في قلبه وزين الايمان في بصيرته قال السدي " كتب في قلوبهم الايمان " جعل في قلوبهم الايمان وقال ابن عباس " وأيدهم بروح منه " أي قواهم. وقوله تعالى " ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه " كل هذا تقدم تفسيره غير مرة وفي قوله تعالى " رضي الله عنهم ورضوا عنه " سر بديع وهو أنه لما سخطوا على القرائب والعشائر في الله تعالى عوضهم الله بالرضا عنهم وأرضاهم عنه بما أعطاهم من النعيم المقيم والفوز العظيم والفضل العميم وقوله تعالى " أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون " أي هؤلاء حزب الله أي عباد الله وأهل كرامته وقوله تعالى " ألا إن حزب الله هم المفلحون " تنويه بفلاحهم وسعادتهم ونصرتهم في الدنيا والآخرة في مقابلة ما ذكر عن أولئك بأنهم حزب الشيطان ثم قال " ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون " وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا هارون بن حميد الواسطي حدثنا الفضل بن عنبسة عن رجل قد سماه فقال هو عبد الحميد بن سليمان - انقطع من كتابي - عن الذيال بن عباد قال: كتب أبو حازم الأعرج إلى الزهري: اعلم أن الجاه جاهان: جاه يجريه الله تعالى على