إليه فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم ثم سار حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخل والتحريق فيها فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد في الأرض وتعيبه على من يصنعه فما بال قطع النخل وتحريقها؟ وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن أثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم إن قوتلتم قاتلنا معكم وإن خرجتم خرجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف في قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ففعل فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن إيجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث يشاء فقسمها على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمرو بن كعب عم عمرو بن جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها. قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين " ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني " فجعل يامين بن عمرو لرجل جعلا على أن يقتل عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون. قال ابن إسحاق ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها وهكذا روى يونس بن بكير عن ابن إسحاق بنحو ما تقدم فقوله تعالى " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب " يعني بني النضير " من ديارهم لأول الحشر " قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس قال: من شك في أن أرض المحشر ههنا يعني الشام فليقرأ هذه الآية " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر " قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " اخرجوا " قالوا إلى أين؟ قال " إلى أرض المحشر " وحدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال لما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير قال " هذا أول الحشر وأنا على الأثر " ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن أبي عدي عن عوف عن الحسن به.
وقوله تعالى " ما ظننتم أن يخرجوا " أي في مدة حصاركم لهم وقصرها وكانت ستة أيام مع شدة حصونهم ومنعتها ولهذا قال تعالى " وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا " أي جاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال كما قال تعالى في الآية الأخرى " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " وقوله تعالى " وقذف في قلوبهم الرعب " أي الخوف والهلع والجزع وكيف لا يحصل لهم ذلك وقد حاصرهم الذي نصر بالرعب مسيرة شهر صلوات الله وسلامه عليه. وقوله " يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين " قد تقدم تفسير ابن إسحاق لذلك وهو نقض ما استحسنوه من سقوفهم وأبوابهم وتحملها على الإبل وكذا قال عروة بن الزبير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد وقال مقاتل بن حيان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتلهم فإذا ظهر على درب أو دار هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال وكان اليهود إذا علوا مكانا أو غلبوا على درب أو دار نقبوا من أدبارها ثم حصنوها ودربوها يقول الله تعالى " فاعتبروا يا أولي الابصار ". وقوله " ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا " أي لولا أن كتب الله عليهم هذا الجلاء وهو النفي من ديارهم وأموالهم لكان لهم عند الله عذاب آخر من القتل والسبي ونحو ذلك قاله الزهري عن عروة والسدي وابن زيد لان الله قد كتب عليهم أنه سيعذبهم في الدار الدنيا مع ما أعد لهم في الدار الآخرة من العذاب في نار جهنم. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير قال ثم