ربعي عن علي به وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن وهب وغيره عن أبي هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عبد عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " زاد ابن وهب " وكان عرشه على الماء " ورواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب.
وقوله تعالى (وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر) وهو إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه كما أخبر بنفوذ قدره فيهم فقال " وما أمرنا إلا واحدة " إنما نأمر بالشئ مرة واحدة لا نحتاج إلى تأكيد بثانية فيكون ذلك الذي نأمر به حاصلا موجودا كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين وما أحسن ما قال بعض الشعراء:
إذا ما أراد الله أمرا فإنما * يقول له كن قولة فيكون وقوله تعالى (ولقد أهلكنا أشياعكم) يعني أمثالكم وسلفكم من الأمم السابقة المكذبين بالرسل " فهل من مدكر " أي فهل من متعظ بما أخزى الله أولئك وقدر لهم من العذاب كما قال تعالى " وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل ". وقوله تعالى (وكل شئ فعلوه في الزبر) أي مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام (وكل صغير وكبير) أي من أعمالهم " مستطر " أي مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وقد قال الإمام أحمد حدثنا أبو عامر حدثنا سعيد بن مسلم ابن بأنك سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير حدثني عوف بن الحارث وهو ابن أخي عائشة لامها عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول " يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا ". ورواه النسائي وابن ماجة من طريق سعيد بن مسلم بن ماهك المدني وثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم وغيرهم. وقد رواه الحافظ ابن عساكر في ترجمة سعيد بن مسلم هذا من وجه آخر ثم قال سعيد فحدثت بهذا الحديث عامر بن هشام فقال لي ويحك يا سعيد بن مسلم لقد حدثني سليمان بن المغيرة أنه عمل ذنبا فاستصغره فأتاه آت في منامه فقال له يا سليمان:
لا تحقرن من الذنوب صغيرا * إن الصغير غدا يعود كبيرا إن الصغير ولو تقادم عهده * عند الاله مسطرا تسطيرا فازجر هواك عن البطالة لا تكن * صعب القياد وشمرن تشميرا إن المحب إذا أحب إلهه * طار الفؤاد وألهم التفكيرا فاسأل هدايتك الاله بنية * فكفى بربك هاديا ونصيرا وقوله تعالى (إن المتقين في جنات ونهر) أي بعكس ما الأشقياء فيه من الضلال والسعر والسحب في النار على وجوههم مع التوبيخ والتقريع والتهديد وقوله تعالى (في مقعد صدق) أي في دار كرامة الله ورضوانه وفضله وامتنانه وجوده وإحسانه " عند مليك مقتدر " أي عند الملك العظيم الخالق للأشياء كلها ومقدرها وهو مقتدر على ما يشاء مما يطلبون ويريدون. وقد قال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال " المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " انفرد بإخراجه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة بإسناده مثله. آخر تفسير سورة اقتربت ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.