تفسير ابن كثير - ابن كثير - ج ٤ - الصفحة ٢٧٨
وقوله (وأنه هو رب الشعرى) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد وغيرهم هو هذا النجم الوقاد الذي يقال له مرزم الجوزاء كانت طائفة من العرب يعبدونه (وأنه أهلك عادا الأولى) وهم قوم هود ويقال لهم عاد بن إرم بن سام بن نوح كما قال تعالى " ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد " فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله تعالى وعلى رسوله فأهلكهم الله " بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي متتابعة.
وقوله تعالى (وثمود فما أبقى) أي دمرهم فلم يبق منهم أحدا " وقوم نوح من قبل " أي من قبل هؤلاء " إنهم كانوا هم أظلم وأطغى " أي أشد تمردا من الذين من بعدهم (والمؤتفكة أهوى) يعني مدائن قوم لوط قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود ولهذا قال فغشاها ما غشى يعني من الحجارة التي أرسلها عليهم " وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين " قال قتادة كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان فانضرم عليهم الوادي شيئا من نار ونفط وقطران كفم الأتون. رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن وهب بن عطية عن الوليد بن مسلم عن خليد عنه به وهو غريب جدا (فبأي آلاء ربك تتمارى) أي ففي أي نعم الله عليك أيها الانسان تمتري؟ قاله قتادة وقال ابن جريج (فبأي آلاء ربك تتمارى) يا محمد والأول أولى وهو اختيار ابن جرير هذا نذير من النذر الأولى (56) أزفت الآزفة (57) ليس لها من دون الله كاشفة (58) أفمن هذا الحديث تعجبون (59) وتضحكون ولا تبكون (60) وأنتم سامدون (61) فاسجدوا لله واعبدوا (62) " هذا نذير " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " من النذر الأولى " أي من جنسهم كما أرسلوا كما قال تعالى " قل ما كنت بدعا من الرسل " (أزفت الآزفة) أي اقتربت القريبة وهي القيامة (ليس لها من دون الله كاشفة) أي لا يدفعها إذا من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال " إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وفي الحديث " أنا النذير العريان " أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عريانا مسرعا وهو مناسب لقوله " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة كما قال في أول السورة التي بعدها " اقتربت الساعة " وقال الإمام أحمد حدثنا أنس بن عياض حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكة " وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال " مثلي ومثل الساعة كهاتين " وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الابهام ثم قال " مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان " ثم قال " مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم " ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا ذلك " وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان ثم قال تعالى منكرا على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم " تعجبون " من أن يكون صحيحا " وتضحكون " منه استهزاء وسخرية " ولا تبكون " أي كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم " ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " وقوله تعالى (وأنتم سامدون) قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غن لنا وكذا قال عكرمة وفي رواية عن ابن عباس " سامدون "
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تفسير سورة الصافات 3
2 تحطيم الأصنام 14
3 الذبيح إسماعيل عليه السلام 16
4 تفسير سورة ص 29
5 تسبيح الجبال والطير مع سيدنا داود 32
6 تفسير سورة الزمر 48
7 ضرب الأمثال في القرآن 56
8 الحث على التوبة 63
9 تفسير قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره 67
10 النفخ في الصور 69
11 دخول الأشقياء النار 70
12 دخول المتقين الجنة 71
13 ذكر سعة أبواب الجنة 73
14 تفسير سورة المؤمن 75
15 استحباب الدعاء للمؤمنين السابقين 77
16 الامر باخلاص الدعاء لله وحده 79
17 إرسال سيدنا يوسف إلى أهل مصر 85
18 نصيحة مؤمن آل فرعون 87
19 تفسير سورة فصلت 97
20 شهادة الجوارح على الانسان 103
21 فضل الداعي إلى الله 108
22 تفسير سورة الشورى 114
23 تفسير سورة الزخرف 132
24 تفسير سورة الدخان 148
25 تفسير سورة الجاثية 159
26 تفسير سورة الأحقاف 165
27 وفد الجن الذين استمعوا القرآن 175
28 تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم 185
29 تفسير سورة الفتح 196
30 ذكر سبب البيعة 200
31 فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 208
32 قصة صلح الحديبية 209
33 تفسير سورة الحجرات 220
34 تفسير سورة ق 235
35 تفسير سورة الذاريات 247
36 تفسير سورة الطور 255
37 تفسير سورة النجم 264
38 تفسير سورة اقتربت الساعة 279
39 تفسير سورة الرحمن 289
40 تفسير سورة الواقعة 302
41 تفسير سورة الحديد 323
42 تفسير سورة المجادلة 340
43 تفسير سورة الحشر 353
44 أسماء الله الحسنى 366
45 تفسير سورة الممتحنة 368
46 مبايعة النساء 376
47 تفسير سورة الصف 381
48 تفسير سورة الجمعة 387
49 تفسير سورة المنافقين 393
50 تفسير سورة التغابن 398
51 تفسير سورة الطلاق 403
52 تفسير سورة التحريم 411
53 تفسير سورة الملك 421
54 تفسير سورة ن 427
55 تفسير سورة الحاقة 439
56 تفسير سورة المعارج 446
57 تفسير سورة نوح 452
58 تفسير سورة الجن 456
59 تفسير سورة المزمل 462
60 تفسير سورة المدثر 469
61 تفسير سورة القيامة 477
62 تفسير سورة الانسان 483
63 تفسير سورة المرسلات 488
64 تفسير سورة النبأ 492
65 تفسير سورة النازعات 497
66 تفسير سورة عبس 501
67 تفسير سورة التكوير 506
68 تفسير سورة الانفطار 513
69 تفسير سورة المطففين 515
70 تفسير سورة الانشقاق 520
71 تفسير سورة البروج 524
72 تفسير سورة الطارق 531
73 تفسير سورة الاعلى 532
74 تفسير سورة الغاشية 536
75 تفسير سورة الفجر 539
76 تفسير سورة البلد 546
77 تفسير سورة الشمس 550
78 تفسير سورة الليل 553
79 تفسير سورة الضحى 557
80 تفسير سورة الانشراح 560
81 تفسير سورة التين 562
82 تفسير سورة العلق 564
83 تفسير سورة القدر 566
84 تفسير سورة البينة 573
85 تفسير سورة الزلزلة 575
86 تفسير سورة العاديات 578
87 تفسير سورة القارعة 580
88 تفسير سورة التكاثر 581
89 تفسير سورة العصر 585
90 تفسير سورة الهمزة 586
91 تفسير سورة الفيل 586
92 تفسير سورة قريش 591
93 تفسير سورة الماعون 592
94 تفسير سورة الكوثر 595
95 تفسير سورة الكافرون 598
96 تفسير سورة النصر 600
97 تفسير سورة المسد 602
98 تفسير سورة الاخلاص 604
99 تفسير سورة الفلق 610
100 تفسير سورة الناس 615