ذلك الحزب المفصل كما قاله الصحابة رضي الله عنهم فتعين أن أوله سورة ق وهو الذي قلناه ولله الحمد والمنة. قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا مالك عن ضمرة بن سعيد عن عبد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيد؟ قال بقاف واقتربت ورواه مسلم وأهل السنن الأربعة من حديث مالك به وفي رواية لمسلم عن مالك عن ضمرة عن عبد الله عن أبي واقد قال سألني عمر رضي الله عنه فذكره. " حديث آخر " وقال أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي ثنا أبي إسحاق حدثني عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة قالت لقد كان تنورنا وتنور النبي صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت " ق والقرآن المجيد " إلا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس رواه مسلم من حديث ابن إسحاق به وقال أبو داود حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن حبيب بن عبد الله بن محمد بن معن عن ابنة الحارث بن النعمان قالت ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة قالت وكان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا وكذا رواه مسلم والنسائي وابن ماجة من حديث شعبة به والقصد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهذه السورة في المجامع الكبار كالعيد والجمع لاشتمالها على ابتداء الخلق والبعث والنشور والمعاد والقيام والحساب والجنة والنار والثواب والعقاب والترغيب والترهيب والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم ق والقرآن المجيد (1) بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب (2) أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد (3) قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ (4) بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج (5) " ق " حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور كقوله تعالى " ص - ون - والم - وحم - وطس " ونحو ذلك قاله مجاهد وغيره وقد أسلفنا الكلام عليها في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته وقد روي عن بعض السلف أنهم قالوا ق جبل محيط بجميع الأرض يقال له جبل قاف وكأن هذا والله أعلم من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس لما رأى من جواز الرواية عنهم مما لا يصدق ولا يكذب وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمر دينهم كما افتري في هذه الأمة مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وما بالعهد من قدم فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلة الحفاظ النقاد فيهم وشربهم الخمور وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه وتبديل كتب الله وآياته وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " فيما قد يجوزه العقل فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل والله أعلم. وقد أكثر كثير من السلف من المفسرين وكذا طائفة كثيرة من الخلف من الحكاية عن كتب أهل الكتاب في تفسير القرآن المجيد وليس بهم احتياج إلى أخبارهم ولله الحمد والمنة حتى إن الامام أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي رحمة الله عليه أورد ههنا أثرا غريبا لا يصح سنده عن ابن عباس رضي الله عنهما فقال حدثنا أبي قال حدثت عن محمد بن إسماعيل - المخزومي حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خلق الله تبارك وتعالى من وراء هذه الأرض بحرا محيطا بها ثم خلق من وراء ذلك البحر جبلا يقال له قاف سماء الدنيا مرفوعة