بآل فرعون) * أي أحاط بهم * (سوء العذاب) * أي غرقوا في البحر، وقيل بل المراد منه النار المذكورة في قوله * (النار يعرضون عليها) * قال الزجاج * (النار) * بدل من قوله * (سوء العذاب) * قال: وجائز أيضا أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير * (سوء العذاب) * كأن قائلا قال: ما سوء العذاب؟ فقيل: * (النار يعرضون عليها) *. قرأ حمزة * (حاق) * بكسر الحاء وكذلك في كل القرآن والباقون بالفتح أما قوله * (النار يعرضون عليه غدوا وعشيا) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: احتج أصحابنا بهذه الآية على إثبات عذاب القبر قالوا الآية تقتضي عرض النار عليهم غدوا وعشيا، وليس المراد منه يوم القيامة لأنه قال: * (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) *، وليس المراد منه أيضا الدنيا لأن عرض النار عليهم غدوا وعشيا ما كان حاصلا في الدنيا، فثبت أن هذا العرض إنما حصل بعد الموت وقبل يوم القيامة، وذلك يدل على إثبات عذاب القبر في حق هؤلاء، وإذ ثبت في حقهم ثبت في حق غيرهم لأنه لا قائل بالفرق، فإن قيل لم لا يجوز أن يكون المراد من عرض النار عليهم غدوا وعشيا عرض النصائح عليهم في الدنيا؟ لأن أهل الدين إذا ذكروا لهم الترغيب والترهيب وخوفوهم بعذاب الله فقد عرضوا عليهم النار، ثم نقول في الآية ما يمنع من حمله على عذاب القبر وبيانه من وجهين: الأول: أن ذلك العذاب يجب أن يكون دائما غير منقطع، وقوله * (يعرضون عليها غدوا وعشيا) * يقتضي أن لا يحصل ذلك العذاب إلا في هذين الوقتين، فثبت أن هذا لا يمكن حمله على عذاب القبر الثاني: أن الغدوة والعشية إنما يحصلان في الدنيا، أما في القبر فلا وجود لهما، فثبت بهذين الوجهين أنه لا يمكن حمل هذه الآية على عذاب القبر والجواب: عن السؤال الأول أن في الدنيا عرض عليهم كلمات تذكرهم أمر النار، لا أنه يعرض عليهم نفس النار، فعلى قولهم يصير معنى الآية الكلمات المذكرة لأمر النار كانت تعرض عليهم، وذلك يفضي إلى ترك ظاهر اللفظ والعدول إلى المجاز، أما قوله الآية تدل على حصول هذا العذاب في هذين الوقتين وذلك لا يجوز، قلنا لم لا يجوز أن يكتفي في القبر بإيصال العذاب إليه في هذين الوقتين، ثم عند قيام القيامة يلقى في النار فيدوم عذابه بعد ذلك، وأيضا لا يمتنع يأن يكون ذكر الغدوة والعشية كناية عن الدوام كقوله * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) * (مريم: 62) أما قوله إنه ليس في القبر والقيامة غدوة وعشية، قلنا لم لا يجوز أن يقال إن عند حصول هذين الوقتين لأهل الدنيا يعرض عليهم العذاب؟ والله أعلم.
المسألة الثانية: قرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم * (أدخلوا آل فرعون) * أي يقال لخزنة جهنم: أدخلوهم في أشد العذاب، والباقون أدخلوا على معنى أنه يقال لهؤلاء الكفار: أدخلوا أشد العذاب، والقراءة الأولى اختيار أبي عبيدة، واحتج عليها بقوله تعالى: * (يعرضون) * فهذا يفعل بهم فكذلك * (أدخلوا) * وأما وجه القراءة الثانية فقوله * (أدخلوا أبواب جهنم) *، وههنا آخر الكلام في قصة مؤمن آل فرعون.