الجائزات، فلا بد من الفاعل المختار، وتمام الوجوه مذكور في تفسير تلك الآيات.
البحث الثالث: قوله * (لآيات للمؤمنين) * يقتضي كون هذه الآيات مختصة بالمؤمنين، وقالت المعتزلة إنها آيات للمؤمن والكافر، إلا أنه ملا انتفع بها المؤمن دون الكافر أضيف كونها آيات إلى المؤمنين، ونظيره قوله تعالى: * (هدى للمتقين) * (البقرة: 2) فإنه هدى لكل الناس كما قال تعالى: * (هدى للناس) * (البقرة: 185) إلا أنه لما انتفع بها المؤمن خاصة لا جرم قيل * (هدى للمتقين) * فكذا ههنا، وقال الأصحاب الدليل والآية هو الذي يترتب على معرفته حصول العلم، وذلك العلم إنما يحصل بخلق الله تعالى لا بإيجاب ذلك الدليل، والله تعالى إنما خلق ذلك العلم للمؤمن لا للكافر فكان ذلك آية دليلا في حق المؤمن لا في حق الكافر والله أعلم.
ثم قال تعالى؛ * (وفي خلقكم وما يبث منت دابة آيات لقوم يوقنون) * وفيه مباحث: البحث الأول: قال صاحب " الكشاف ": قوله * (وما يبث) * عطف على الخلق المضاف لا على الضمير المضاف إليه، لأن المضاف ضمير متصل مجرور والعطف عليه مستقبح، فلا يقال مررت بك وزيد، ولهذا طعنا في قراءة حمزة * (تساءلون به والأرحام) * (النساء: 1) بالجر في قوله * (والأرحام) * وكذلك إن الذين استقبحوا هذا العطف، فلا يقولون مررت بك أنت وزيد.
البحث الثاني: قرأ حمزة الكسائي * (آيات) * بكسر التاء وكذلك الذي بعده * (وتصريف الرياح آيات) * والباقون بالرفع فيهما، أما الرفع فمن وجهين ذكرهما المبرد والزجاج وأبو علي: أحدهما: العطف على موضع إن وما عملت فيه، لأن موضعهما رفع بالابتداء فيحمل الرفع فيه على الموضع، كما تقول إن زيدا منطلق وعمر، و * (أن الله برئ من المشركين ورسوله) * (التوبة: 3) لأن معنى قوله * (أن الله برئ) * أن يقول الله برئ من المشركين ورسوله، والوجه الثاني: أن يكون قوله * (وفي خلقكم) * مستأنفا، ويكون الكلام جملة معطوفة على جملة أخرى كما تقول إن زيدا منطلق وعمرو كاتب، جعلت قولك وعمرو كاتب كلاما آخر، كما تقول زيد في الدار وأخرج غدا إلى بلد كذا، فإنما حدثت بحديثين ووصلت أحدهما بالآخر بالواو، وهذا الوجه هو اختيار أبي الحسن والفراء، وأما وجه القراءة بالنصب فهو بالعطف على قوله * (إن في السماوات) * على معنى وإن في خلقكم لآيات ويقولون هذه القراءة إنها في قراءة أبي وعبد الله * (لآيات) * ودخول اللام يدل على أن الكلام محمول على إن.
البحث الثالث: قوله * (وفي خلقكم) * معناه خلق الإنسان، وقوله * (وما يبث من دابة) * إشارة إلى خلق سائر الحيوانات، ووجه دلالتها على وجود الإله القادر المختار أن الأجسام متساوية فاختصاص كل واحد من الأعضاء بكونه المعين وصفته المعينة وشكله المعين، لا بد وأن يكون بتخصيص