وقوله: ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله يقول تعالى ذكره: تفعل الملائكة هذا الذي وصفت بهؤلاء المنافقين من أجل أنهم اتبعوا ما أسخط الله، فأغضبه عليهم من طاعة الشيطان وكرهوا رضوانه يقول: وكرهوا ما يرضيه عنهم من قتال الكفار به، بعد ما افترضه عليهم.
وقوله: فأحبط أعمالهم يقول: فأبطل الله ثواب أعمالهم وأذهبه، لأنها عملت في غير رضاه ولا محبته، فبطلت، ولم تنفع عاملها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم * ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) *.
يقول تعالى ذكره: أحسب هؤلاء المنافقون الذين في قلوبهم شك في دينهم، وضعف في يقينهم، فهم حيارى في معرفة الحق أن لن يخرج الله ما في قلوبهم من الأضغان على المؤمنين، فيبديه لهم ويظهره، حتى يعرفوا نفاقهم، وحيرتهم في دينهم ولو نشاء لأريناكهم يقول تعالى ذكره: ولو نشاء يا محمد لعرفناك هؤلاء المنافقين حتى تعرفهم من قول القائل: سأريك ما أصنع، بمعنى سأعلمك.
وقوله: فلعرفتهم بسيماهم يقول: فلتعرفنهم بعلامات النفاق الظاهرة منهم في فحوى كلامهم، وظاهر أفعالهم، ثم إن الله تعالى ذكره عرفه إياهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24314 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم... إلى آخر الآية، قال: هم أهل النفاق، وقد عرفه إياهم في براءة، فقال:
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا، ولا تقم على قبره، وقال: قل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا.
24315 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: أم حسب الذين في قلوبهم مرض... الآية، هم أهل