واختلفت القراء في قراءة لينذر فقرأ ذلك عامة قراء الحجاز لتنذر بالتاء بمعنى:
لتنذر أنت يا محمد، وقرأته عامة قراء العراق بالياء بمعنى: لينذر الكتاب، وبأي القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون) *.
يقول تعالى ذكره: إن الذين قالوا ربنا الله الذي لا إله غيره ثم استقاموا على تصديقهم بذلك فلم يخلطوه بشرك، ولم يخالفوا الله في أمره ونهيه فلا خوف عليهم من فزع يوم القيامة وأهواله ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم بعد مماتهم.
وقوله: أولئك أصحاب الجنة يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين قالوا هذا القول، واستقاموا أهل الجنة وسكانها خالدين فيها يقول: ماكثين فيها أبدا جزاء بما كانوا يعملون يقول: ثوابا منا لهم آتيناهم ذلك على أعمالهم الصالحة التي كانوا في الدنيا يعملونها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ووصينا الانسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين) *.
يقول تعالى ذكره: ووصينا ابن آدم بوالديه الحسن في صحبته إياهما أيام حياتهما، والبر بهما في حياتهما وبعد مماتهما.
واختلفت القراء في قراءة قوله: إحسانا فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة حسنا بضم الحاء على التأويل الذي وصفت. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة إحسانا بالألف، بمعنى: ووصيناه بالاحسان إليهما، وبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب، لتقارب معاني ذلك، واستفاضة القراءة بكل واحدة منهما في القراء.