وبعد ففي صحة الخبر عنه (ص) أنه كان يقوم حتى ترم قدماه، فقيل له: يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أكون عبدا شكورا؟، الدلالة الواضحة على أن الذي قلنا من ذلك هو الصحيح من القول، وأن الله تبارك وتعالى، إنما وعد نبيه محمدا (ص) غفران ذنوبه المتقدمة، فتح ما فتح عليه، وبعده على شكره له، على نعمه التي أنعمها عليه. وكذلك كان يقول (ص): إني لاستغفر الله وأتوب إليه في كل يوم مئة مرة ولو كان القول في ذلك أنه من خبر الله تعالى نبيه أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر على غير الوجه الذي ذكرنا، لم يكن لامره إياه بالاستغفار بعد هذه الآية، ولا لاستغفار نبي الله (ص) ربه جل جلاله من ذنوبه بعدها معنى يعقل، إذ الاستغفار معناه: طلب العبد من ربه عز وجل غفران ذنوبه، فإذا لم يكن ذنوب تغفر لم يكن لمسألته إياه غفرانها معنى، لأنه من المحال أن يقال: اللهم اغفر لي ذنبا لم أعمله. وقد تأول ذلك بعضهم بمعنى: ليغفر لك ما تقدم من ذنبك قبل الرسالة، وما تأخر إلى الوقت الذي قال: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وأما الفتح الذي وعد الله
(٨٩)