والمعني المفعول به، فقيل: وذلك إفكهم، والمعني فيه: المأفوك به لان الإفك إنما هو فعل الآفك، والآلهة مأفوك بها. وقد مضى البيان عن نظائر ذلك قبل، قال: وكذلك قوله:
وما كانوا يفترون.
واختلفت القراء في قراءة قوله وذلك إفكهم فقرأته عامة قراء الأمصار: وذلك إفكهم بكسر الألف وسكون الفاء وضم الكاف بالمعنى الذي بينا. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك ما:
24222 - حدثني أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن عوف، عمن حدثه، عن ابن عباس، أنه كان يقرأها وذلك أفكهم يعني بفتح الألف والكاف وقال: أضلهم. فمن قرأ القراءة الأولى التي عليها قراء الأمصار، فالهاء والميم في موضع خفض. ومن قرأ هذه القراءة التي ذكرناها عن ابن عباس فالهاء والميم في موضع نصب، وذلك أن معنى الكلام على ذلك، وذلك صرفهم عن الايمان بالله.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا، القراءة التي عليها قراءة الأمصار لاجماع الحجة عليها. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين) *.
يقول تعالى ذكره مقرعا كفار قريش بكفرهم بما آمنت به الجن وإذ صرفنا إليك يا محمد نفرا من الجن يستمعون القرآن ذكر أنهم صرفوا إلى رسول الله (ص) بالحادث الذي حدث من رجمهم بالشهب. ذكر من قال ذلك:
24223 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن سعيد بن جبير، قال: كانت الجن تستمع، فلما رجموا قالوا: إن هذا الذي حدث في السماء لشئ حدث في الأرض، فذهبوا يطلبون حتى رأوا النبي (ص) خارجا من سوق عكاظ يصلي بأصحابه الفجر، فذهبوا إلى قومهم.
24224 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، قال: لما بعث النبي (ص) حرست السماء، فقال الشيطان: ما حرست إلا لأمر قد حدث في الأرض فبعث سراياه في الأرض، فوجدوا النبي (ص) قائما يصلي صلاة