العهود والهدنة فيما بينه وبين المشركين قبل أن يكون القتال، يقول: لا تهن فتضعف، فيرى أنك تدعوه إلى السلم وأنت فوقه، وأعز منه وأنتم الأعلون أنتم أعز منهم، ثم جاء القتال بعد فنسخ هذا أجمع، فأمره بجهادهم والغلظة عليهم. وقد قيل: عنى بقوله:
وأنتم الأعلون وأنتم الغالبون آخر الامر، وإن غلبوكم في بعض الأوقات، وقهروكم في بعض الحروب.
وقوله: فلا تهنوا جزم بالنهي، وفي قوله وتدعوا وجهان: أحدهما الجزم على العطف على تهنوا، فيكون معنى الكلام: فلا تهنوا ولا تدعوا إلى السلم، والآخر النصب على الصرف.
وقوله: ولن يتركم أعمالكم يقول: ولن يظلمكم أجور أعمالكم فينقصكم ثوابها، من قولهم: وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا، فأخذت له مالا غصبا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24328 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله يقول: ولن يتركم أعمالكم يقول: لن يظلمكم أجور أعمالكم.
24329 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: ولن يتركم أعمالكم قال: لن ينقصكم.
24330 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ولن يتركم أعمالكم: أي لن يظلمكم أعمالكم.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
24331 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
ولن يتركم أعمالكم قال: لن يظلمكم، أعمالكم ذلك يتركم.
24332 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: ولن يتركم أعمالكم قال: لن يظلمكم أعمالكم. القول في تأويل قوله تعالى: