حنيفة ولا فارس ولا الروم، ولا أعيان بأعيانهم، وجائز أن يكون عنى بذلك بعض هذه الأجناس، وجائز أن يكون عني بهم غيرهم، ولا قول فيه أصح من أن يقال كما قال الله جل ثناؤه: إنهم سيدعون إلى قوم أولي بأس شديد.
وقوله: تقاتلونهم أو يسلمون يقول تعالى ذكره للمخلفين من الاعراب: تقاتلون هؤلاء الذين تدعون إلى قتالهم، أو يسلمون من غير حرب ولا قتال.
وقد ذكر أن ذلك في بعض القراءات تقاتلونهم أو يسلموا، وعلى هذه القراءة وإن كانت على خلاف مصاحف أهل الأمصار، وخلافا لما عليه الحجة من القراء، وغير جائز عندي القراءة بها لذلك تأويل ذلك: تقاتلونهم أبدا إلا أن يسلموا، أو حتى يسلموا.
وقوله: فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا الله في إجابتكم إياه إذا دعاكم إلى قتال هؤلاء القوم الأولي البأس الشديد، فتجيبوا إلى قتالهم والجهاد مع المؤمنين يؤتكم الله أجرا حسنا يقول: يعطكم الله على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة، وهي الاجر الحسن وإن تتولوا كما توليتم من قبل يقول: وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته وتخالفوا أمره، فتتركوا قتال الأولي البأس الشديد إذا دعيتم إلى قتالهم كما توليتم من قبل يقول: كما عصيتموه في أمره إياكم بالمسير مع رسول الله (ص) إلى مكة، من قبل أن تدعوا إلى قتال أولي البأس الشديد يعذبكم الله عذابا أليما يعني:
وجيعا، وذلك عذاب النار على عصيانكم إياه، وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما) *.
يقول تعالى ذكره: ليس على الأعمى منكم أيها الناس ضيق، ولا على الأعرج ضيق، ولا على المريض ضيق أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين، وشهود الحرب معهم إذا هم لقوا عدوهم، للعلل التي بهم، والأسباب التي تمنعهم من شهودها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24387 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج قال: هذا كله في الجهاد.