* (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون) *.
يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، لا يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين عسى أن يكونوا خيرا منهم يقول: المهزوء منهم خير من الهازئين ولا نساء من نساء يقول: ولا يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات، عسى المهزوء منهن أن يكن خيرا من الهازئات.
واختلف أهل التأويل في السخرية التي نهى الله عنها المؤمنين في هذه الآية، فقال بعضهم: هي سخرية الغني من الفقير، نهي أن يسخر من الفقير لفقره. ذكر من قال ذلك:
24560 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد لا يسخر قوم من قوم قال: لا يهزأ قوم يقول أن يسأل رجل فقير غنيا، أو فقيرا، وإن تفضل رجل عليه بشئ فلا يستهزئ به.
وقال آخرون: بل ذلك نهي من الله من ستر عليه من أهل الايمان أن يسخر ممن كشف في الدنيا ستره منهم ذكر من قال ذلك:
24561 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن قال: ربما عثر على المرء عند خطيئته عسى أن يكونوا خيرا منهم، وإن كان ظهر على عثرته هذه، وسترت أنت على عثرتك، لعل هذه التي ظهرت خير له في الآخرة عند الله، وهذه التي سترت أنت عليها شر لك، ما يدريك لعله ما يغفر لك قال:
فنهي الرجل عن ذلك، فقال: لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم وقال في النساء مثل ذلك.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله عم بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية، فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره، ولا لذنب ركبه، ولا لغير ذلك.