وقال آخرون: بل عنى بذلك أنهم يكذبون. ذكر من قال ذلك:
24847 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: يوم هم على النار يفتنون يقول: يطبخون، ويقال أيضا يفتنون يكذبون كل هذا يقال.
واختلف أهل العربية في وجه نصب اليوم في قوله: يوم هم على النار يفتنون فقال بعض نحويي البصرة: نصبت على الوقت والمعنى في أيان يوم الدين: أي متى يوم الدين، فقيل لهم: في يوم هم على النار يفتنون، لان ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب، وفيه فتنتهم على النار.
وقال بعض نحويي الكوفة: إنما نصبت يوم هم لأنك أضفته إلى شيئين، وإذا أضيف اليوم والليلة إلى اسم له فعل، وارتفعا نصب اليوم، وإن كان في موضع خفض أو رفع إذا أضيف إلى فعل أو يفعل أو إذا كان كذلك، ورفعه في موضع الرفع، وخفضه في موضع الخفض يجوز: فلو قيل يوم هم على النار يفتنون فرفع يوم، لكان وجها، ولم يقرأ به أحد من القراء.
وقال آخر منهم: إنها نصب يوم هم على النار يفتنون لأنه إضافة غير محضة فنصب، والتأويل رفع، ولو رفع لجاز لأنك تقول: متى يومك؟ فتقول: يوم الخميس، ويوم الجمعة، والرفع الوجه، لأنه اسم قابل اسما فهذا الوجه.
وأولى القولين بالصواب في تأويل قوله: يوم هم على النار يفتنون قول من قال:
يعذبون بالاحراق، لان الفتنة أصلها الاختبار، وإنما يقال: فتنت الذهب بالنار: إذا طبختها بها لتعرف جودتها، فكذلك قوله: يوم هم على النار يفتنون يحرقون بها كما يحرق الذهب بها، وأما النصب في اليوم فلانها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون * إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) *.