أذهبتم بغير استفهام، سوى أبي جعفر القارئ، فإنه قرأه بالاستفهام، والعرب تستفهم بالتوبيخ، وتترك الاستفهام فيه، فتقول: أذهبت ففعلت كذا وكذا، وذهبت ففعلت وفعلت.
وأعجب القراءتين إلي ترك الاستفهام فيه، لاجماع الحجة من القراء عليه، ولأنه أفصح اللغتين.
وقوله فاليوم تجزون عذاب الهون يقول تعالى ذكره: يقال لهم: فاليوم أيها الكافرون الذين أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا تجزون: أي تثابون عذاب الهون، يعني عذاب الهوان، وذلك عذاب النار الذي يهينهم. كما:
24201 - حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عذاب الهون قال: الهوان بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق يقول: بما كنتم تتكبرون في الدنيا على ظهر الأرض على ربكم، فتأبون أن تخلصوا له العبادة، وأن تذعنوا لامره ونهيه بغير الحق، أي بغير ما أباح لكم ربكم، وأذن لكم به وبما كنتم تفسقون يقول: بما كنتم فيها تخالفون طاعته فتعصونه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): واذكر يا محمد لقومك الرادين عليك ما جئتهم به من الحق هود أخا عاد، فإن الله بعثك إليهم كالذي بعثه إلى عاد، فخوفهم أن يحل بهم من نقمة الله على كفرهم ما حل بهم إذ كذبوا رسولنا هودا إليهم، إذ أنذر قومه عادا بالأحقاف.
والأحقاف: جمع حقف وهو من الرمل ما استطال، ولم يبلغ أن يكون جبلا، وإياه عنى الأعشى:
فبات إلى أرطاة حقف تلفه * حريق شمال يترك الوجه أقتما