ونبلو أخباركم، فنعرف الصادق منكم من الكاذب. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
24319 - حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين، وقوله: ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونحو هذا قال: أخبر الله سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر، وبشرهم فقال: وبشر الصابرين، ثم أخبرهم أنه هكذا فعل بأنبيائه، وصفوته لتطيب أنفسهم، فقال: مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، فالبأساء: الفقر، والضراء: السقم، وزلزلوا بالفتن وأذى الناس إياهم.
24320 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين قال: نختبركم، البلوى: الاختبار.
وقرأ ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال: لا يختبرون ولقد فتنا الذين من قبلهم... الآية.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم، فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار بالنون نبلو ونعلم، ونبلو على وجه الخبر من الله جل جلاله عن نفسه، سوى عاصم فإنه قرأ جميع ذلك بالياء والنون هي القراءة عندنا لاجماع الحجة من القراء عليها، وإن كان للأخرى وجه صحيح.
وقوله: إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله يقول تعالى ذكره: إن الذين جحدوا توحيد الله، وصدوا الناس عن دينه الذي ابتعث به رسله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى يقول وخالفوا رسوله محمدا (ص)، فحاربوه وآذوه من بعد ما علموا أنه نبي مبعوث، ورسول مرسل، وعرفوا الطريق الواضح بمعرفته، وأنه لله رسول.
وقوله: لن يضروا الله شيئا لان الله بالغ أمره، وناصر رسوله، ومظهره على من عاداه وخالفه وسيحبط أعمالهم يقول: وسيذهب أعمالهم التي عملوها في الدنيا فلا ينفعهم بها في الدنيا ولا الآخرة، ويبطلها إلا مما يضرهم. القول في تأويل قوله تعالى: