في ذلك، لأنها القراءة المستفيضة في قراءة الأمصار، وإن كان يجمعها مذهب تتقارب معانيها فيه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر والله يعلم إسرارهم) *.
يقول تعالى ذكره: أملى الله لهؤلاء المنافقين وتركهم، والشيطان سول لهم، فلم يوفقهم للهدى من أجل أنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله من الامر بقتال أهل الشرك به من المنافقين: سنطيعكم في بعض الامر الذي هو خلاف لأمر الله تبارك وتعالى، وأمر رسوله (ص). كما:
24313 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر فهؤلاء المنافقون والله يعلم إسرارهم يقول تعالى ذكره: والله يعلم إسرار هذين الحزبين المتظاهرين من أهل النفاق، على خلاف أمر الله وأمر رسوله، إذ يتسارون فيما بينهم بالكفر بالله ومعصية الرسول، ولا يخفى عليه ذلك ولا غيره من الأمور كلها.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة أسرارهم بفتح الألف من أسرارهم على وجه جماع سر. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة إسرارهم بكسر الألف على أنه مصدر من أسررت إسرارا.
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) *.
يقول تعالى ذكره: والله يعلم إسرار هؤلاء المنافقين، فكيف لا يعلم حالهم إذا توفتهم الملائكة، وهم يضربون وجوههم وأدبارهم، يقول: فحالهم أيضا لا يخفى عليه في ذلك الوقت ويعني بالادبار: الاعجاز، وقد ذكرنا الرواية في ذلك فيما مضى قبل.